صفحة جزء
311 حدثنا عباس بن الوليد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أم سليم حدثت أنها سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل فقالت أم سليم واستحييت من ذلك قالت وهل يكون هذا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم نعم فمن أين يكون الشبه إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه
قوله : ( حدثنا عباس بن الوليد . حدثنا يزيد بن زريع ) هو عباس بالباء الموحدة والسين المهملة ، وصحفه بعض الرواة لكتاب مسلم فقال : ( عياش ) - بالياء المثناة والشين المعجمة - وهو غلط صريح فإن ( عياشا ) - بالمعجمة - هو عياش بن الوليد الرقام البصري ، ولم يرو عنه مسلم شيئا ، وروى عنه البخاري . وأما ( عباس ) - بالمهملة - فهو ابن الوليد البصري الترسي وروى عنه البخاري ومسلم جميعا ، وهذا مما لا خلاف فيه ، وكان غلط هذا القائل وقع له من حيث إنهما مشتركان في الأب والنسب والعصر . والله أعلم .

قوله : ( فقالت أم سليم واستحييت من ذلك ) هكذا هو في الأصول ، وذكر الحافظ أبو علي الغساني أنه هكذا في أكثر النسخ ، وأنه غير في بعض النسخ فجعل ( فقالت أم سلمة ) ، والمحفوظ من طرق شتى أم سلمة ، قال القاضي عياض : وهذا هو الصواب ، لأن السائلة هي ( أم سليم ) ، والرادة عليها ( أم سلمة ) في هذا الحديث ، وعائشة في الحديث المتقدم ، ويحتمل أن عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا عليها ، وإن كان أهل الحديث يقولون : الصحيح هنا أم سلمة لا عائشة . والله أعلم .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فمن أين يكون الشبه ) معناه : أن الولد متولد من ماء الرجل وماء المرأة ، فأيهما غلب كان الشبه له ، وإذا كان للمرأة مني فإنزاله وخروجه منها ممكن ، ويقال : شبه وشبه لغتان مشهورتان إحداهما بكسر الشين وإسكان الباء ، والثانية : بفتحهما . والله أعلم .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر ) هذا أصل عظيم في : بيان صفة [ ص: 550 ] المني ، وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب ، قال العلماء : مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين ، يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة ، ويخرج بشهوة وبتلذذ بخروجه ، وإذا خرج استعقب خروجه فتورا ورائحة كرائحة طلع النخل ، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين ، وقيل : تشبه رائحته رائحة الفصيل ، وقيل : إذا يبس كانت رائحته كرائحة البول ، فهذه صفاته ، وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يستقل بكونه منيا ، وذلك بأن يمرض فيصير منيه رقيقا أصفر ، أو يسترخي وعاء المني ، فيسيل من غير التذاذ وشهوة ، أو يستكثر من الجماع ; فيحمر ويصير كماء اللحم ، وربما خرج دما عبيطا ، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل ، كما لو كان أبيض ، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيا ثلاث : أحدها : الخروج بشهوة مع الفتور عقبه . والثانية : الرائحة التي شبه رائحة الطلع كما سبق ، الثالث : الخروج بزريق ودفق ودفعات . وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيا ، ولا يشترط اجتماعها فيه ، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيا ، وغلب على الظن كونه ليس منيا ، هذا كله في مني الرجل . وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق ، وقد يبيض لفضل قوتها ، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما : إحداهما : أن رائحته كرائحة مني الرجل . والثانية التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه . قالوا : ويجب الغسل بخروج المني بأي صفة وحال كان . والله أعلم .

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه ) ، وفي الرواية الأخرى : ( إذا علا ماؤها ماء الرجل وإذا علا ماء الرجل ماءها ) قال العلماء : يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق ، ويجوز أن يكون المراد الكثرة والقوة ، بحسب كثرة الشهوة ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فمن أيهما علا ) هكذا هو في الأصول . فمن أيهما بكسر الميم . وبعدها نون ساكنة ، وهي الحرف المعروف ، وإنما ضبطته لئلا يصحف بمني ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية