صفحة جزء
4 حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا زكريا بن عدي عن ابن المبارك عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر قال كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم يعده ولم يقصر دونه
قوله : ( لم يعده ) بسكون العين أي لم يتجاوز بالزيادة على قدر الوارد في الحديث والإفراط فيه ولم يقصر في التقصير دونه قدر الله قبل الوصول إليه بأن لا يعمل بذلك الحديث أصلا أو يأتي بأقل من القدر الوارد والحاصل أنه كان واقفا عند الحد الوارد في الحديث ولم يأت بإفراط فيه ولا تفريط .

وهذا الحديث مما تفرد به المصنف والله تعالى أعلم وكان ابن عمر بشدة اتباعه الحديث معروفا وروى الترمذي أن رجلا من أهل الشام سأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال : حلال فقال الشامي : إن أباك قد نهى عنها فقال عبد الله أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أمر أبي يتبع أم أمر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقال الرجل : بل أمر رسول الله - صلى الله [ ص: 6 ] تعالى عليه وسلم - فقال : لقد صنعها رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح فانظر إلى ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كيف خالف أباه مع علمه بأن أباه قد بلغه الحديث وأنه لا يخالفه إلا بدليل هو أقوى منه عنده ومع ذلك أفتى بخلاف قول أبيه وقال : إن قول أبيه لا يليق أن يؤخذ به وقد عمل بمثل هذا سالم بن عبد الله حين بلغه حديث عائشة في الطيب قبيل الإحرام وقبل الإفاضة ترك قول أبيه وجده وقال سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحق أن تتبع وغالب أهل الزمان على خلافاتهم إذا جاءهم حديث يخالف قول إمامهم يقولون : لعل هذا الحديث قد بلغ الإمام وخالفه بما هو أقوى عنده منه وروى ابن عمر حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فقال له بعض أولاده نحن نمنع ، فسبه سبا ما سمع سب مثله قط وقطع الكلام معه إلى الموت وله - رضي الله تعالى عنه - في مراعاة دقائق السنن أحوال مدونة في كتب الحديث مشهورة بين أهله ذكر شيئا منها السيوطي في حاشية الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية