صفحة جزء
1065 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن ابن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية قال سألت عمر بن الخطاب قلت ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته
[ ص: 330 ] قوله ( وقد أمن الناس ) أي فما بالهم يقصرون الصلاة (فقال صدقة ) أي شرع لكم ذلك رحمة عليكم وإزالة للمشقة نظرا إلى ضعفكم وفقركم وهذا المعنى يقتضي أن ما ذكر فيه من التقدير فهو اتفاقي ذكره على مقتضى ذلك الوقت وإلا فالحكم عام والقيد لا مفهوم له ولا يخفى ما في الحديث من الدلالة على اعتبار المفهوم في الأدلة الشرعية وأنهم كانوا يفهمون ذلك ويرون أنه الأصل وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قررهم على ذلك لكن بين أنه قد لا يكون معتبرا أيضا بسبب من الأسباب فإن قلت يمكن التعجب مع عدم اعتبار المفهوم أيضا بناء على أن الأصل هو الإتمام لا القصر وإنما القصر رخصة جاءت مقيدة للضرورة فعند انتفاء القيد مقتضى الأدلة هو الأخذ بالأصل قلت هذا الأصل إنما يعمل به عند انتفاء الأدلة وأما مع وجود فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلافه فلا عبرة به ولا يتعجب من خلافه فليتأمل قوله ( فاقبلوا صدقته ) الأمر يقتضي وجوب القبول وأيضا العبد فقير فإعراضه عن صدقة ربه يكون قبيحا ويكون من قبيل أن رآه استغنى وفي رد صدقة أحد عليه من التأذي عادة ما لا يخفى فهذه من أمارات ويوافقه حديث أنها تمام غير قصر فتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية