صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصيام باب ما جاء في فضل الصيام

1638 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ما شاء الله يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
قوله : ( كل عمل ابن آدم ) والمراد به الحسنات ولذا وضع الحسنة في الخير موضع الضمير الراجع إلى المبتدأ تنبيها على ذلك ( فإنه لي وأنا أجزي به ) قد ذكروا له معاني لكن الموافق للأحاديث أنه كناية عن تعظيم جزائه وأنه لا حد له وهذا هو الذي تفيد المقابلة بما قبله في هذا الحديث وهو الموافق لقوله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وذلك لأن اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنه مخصوص بعظم لا نهاية لعظمته ولا حد لها وأن ذلك العظم هو المتولي لجزائه مما ينساق الذهن منه إلى أن جزاءه مما لا حد له ويمكن أن يقال على هذا معنى قوله لي أنا المنفرد به بعلم مقدم ثوابه وتضعيفه وبه تظهر المقابلة بينه وبين ما جاء في بعض الأحاديث من قوله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي أي كل عمل له باختيار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا لما بين الله تعالى فيه إلا الصوم فإنه الصبر الذي ما حد لجزائه حدا بل قال إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ويحتمل أن يقال معنى قوله كل عمل ابن آدم له إلخ جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية تعد له مناسبة لحاله بخلاف الصبر فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب تبارك وتعالى وأما الحديث فيحتاج على هذا المعنى إلى تقدير بأن يقال كل عمل ابن آدم جزاؤه محدود لأنه له أي على قدره إلا الصوم فإنه لي فجزاؤه غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري قوله ( يدع شهوته وطعامه من أجلي ) تعليل لاختصاصه بعدم الجزاء (عند فطره ) أي يفرح حينئذ طبعا وإن لم يأكل لما في طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقتير قيل يحتمل أن هذه هي [ ص: 502 ] فرحة النفس بالأكل والشرب ويحتمل أنها فرحها بالتوفيق لإتمام الصوم والخروج عن العهدة قوله ( عند لقاء ربه ) أي ثوابه على الصوم (لخلوف ) بضم المعجمة واللام وسكون الواو وهو المشهور وجوز بعضهم فتحها وقيل هو خطأ أي تغير رائحة الفم أطيب إلخ أي صاحبه عند الله أطيب وأكثر قبولا ووجاهة وأزيد قربا منه تعالى من صاحب المسك بسبب ريحه عندكم وهو تعالى أكثر إقبالا عليه بسببه من إقبالكم على صاحب المسك بسببه

التالي السابق


الخدمات العلمية