صفحة جزء
186 حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن
قوله ( جنتان ) مبتدأ والابتداء بالنكرة جائز إذا كان الكلام مفيدا قوله ( من فضة ) يحتمل أنه خبر لجنتان بتقدير كائنتان من فضة وقوله آنيتهما وما فيهما بدل اشتمال من جنتان أو من ضمير كائنتان وبتقدير كائنة من فضة وآنيتهما فاعل الجار والمجرور ويحتمل أنه خبر لما بعده والجملة خبر لجنتان قوله : ( بين القوم ) أي أهل الجنة قوله : ( في جنة عدن ) حال من ضمير ينظرون والظاهر أن المراد برداء الكبرياء نفس صفة الكبرياء على أن الإضافة بيانية وهذا هو الموافق لحديث الكبرياء ردائي وحينئذ لا يخفى أن ظاهر هذا الحديث يفيد أنهم لا يرونه تعالى فإنه إذا كان رداء الكبرياء مانعا عن نظر أهل جنة عدن فكيف غيرهم وصفة الكبرياء من لوازم ذاته تعالى لا يمكن زوالها عنه فيدوم المنع بدوامها إلا أن يقال هي مانعة عن دوام النظر لا عن أصل النظر على أن معنى قوله وبين أن ينظروا أي وبين أن يديموا فلولا هي لدام نظرهم وذلك لأن المنع من مقتضيات المعاملة بهذه الصفة وهي غير لازمة وبهذا صارت صفة الكبرياء مانعة عن دوام النظر دون أصله فليتأمل ويمكن أن يقال المراد برداء الكبرياء هو المعاملة بمقتضاها لا نفس صفة الكبرياء كما هو مقتضى الإضافة إذ الأصل التغاير لا التباين وهو المناسب للتعبير بالرداء بناء على أن المراد عادة لا يلزم اللابس لزوم الإزار [ ص: 81 ] وحينئذ فرداء الكبرياء وإن كان مانعا من أصل النظر لكنه غير لازم فيمكن النظر وعلى الوجهين فالحديث مسوق لإفادة كمال قرب أهل جنة عدن منه تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية