صفحة جزء
باب الأكل في قدور المشركين

2830 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى فقال لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه نصرانية
قوله : ( لا يختلجن ) قد اختلف في روايته مادة وهيئة أما الأول فقال العراقي : المشهور أنه بتقديم الخاء على الجيم وروي بتقديم الحاء المهملة على الجيم وظاهر هذا الكلام أنه تطبيق ، فالجواب إفادة الإباحة والإذن فيه وهو المشهور بين الجمهور لحديث : " الإثم ما حاك في صدرك " لكن قوله : ضارعت بسكون العين وفتح التاء على صيغة الخطاب ، أي : شابهت به ملة نصرانية أي أهلها يفيدان سوق الجواب لإفادة المنع منه كما ذهب إليه أبو موسى فقال إنه منع منه وذلك أنه سأله عن طعام النصارى ، فكأنه أراد أن لا يتحرك في ذلك شك إذ ما شابهت فيه النصارى حرام خبيث ، أو مكروه ، لكن قد يقال : إذا كان سوق الجواب للمنع فالتردد بين كونه حراما أو مكروها موجود فلا يستقيم نفي التردد بين كونه مباحا أو ممنوعا ، أو أثبت فيه المنع والتردد بعد ذلك في أقسام الممنوع لا ينافيه ؛ ولذلك جزم بعضهم أن سياق الحديث لا يناسب الإذن ، وإنما يناسب المنع ، وقد يقال : إنه للإذن ، ومحط الكلام إنما هو المقام ، والمعنى لا يختلج في صدرك طعام يعني أن التشبيه الممنوع إنما هو في الدين والعادات والأخلاق لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل واحد ، والتشبيه فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين وقد أذن الله تعالى بقوله اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم فالتشبيه فيه مثله لا عبرة به ولا يختلج في الصدور حتى تسأل عنه ، وأجاب الطيبي بأن جملة ضارعت جواب شرط محذوف ، أي إن شككت شابهت فيه الرهبانية ، والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي ، والمعنى لا يدخل [ ص: 193 ] في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنيفية السهلة السمحة فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية ، وبالجملة فأول الحديث إلى الإذن أقرب وآخره بالمنع أنسب فاختلفت كلمات القوم في ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية