صفحة جزء
باب أكل الجبن والسمن

3367 حدثنا إسمعيل بن موسى السدي حدثنا سيف بن هارون عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء قال الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه
قوله : ( والفرا ) بكسر الفاء جمع فرا بمعنى حمار الوحش ، وهذا هو مقتضى جمعه في الحديث بالمأكولات ، أو جمع فروة ما تلبس من الجلود وإليه تشير ترجمة الترمذي وهذه الأشياء ما صرح الكتاب بحلها ولا حرمتها وهي مندرجة في المسكوت عنها ظاهرا ، وهذا هو الظاهر الموافق للفظ الحديث بقي في الحديث إشكال وهو أن الحديث بظاهره يقتضي أن لا يثبت شيء من الحلال والحرام بالسنة وهو خلاف الواقع وخلاف ما يعطيه حديث ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه الحديث وقد ذم - صلى الله عليه وسلم - من لم يأخذ بما حرم في الحديث ويعتذر بأن ما وجد في القرآن فلا بد من صرف الحديث عن ظاهره بأن المراد بما أحله الله في كتابه وما حرم أعم مما حلله وحرمه تفصيلا وتعيينا في ذلك بقوله [ ص: 326 ] تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأمثاله ، وعلى هذا فهذه الأشياء المذكورة في الحديث مندرجة فيما أحل لا فيما سكت عنه ، أما السمن فقد ورد في الصحيحين وغيرها ، وأما الجبن ففي أبي داود عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بتبوك بجبنة فدعا بسكين فسمى وقطع الحديث ، وأما الفرا فإن كان جمع فرا بمعنى حمار الوحش فقد وردت في الصحيحين وغيرهما ، وإن كان جمع فروة فقد علم طهارة الجلد إذا دبغ سواء كان جلد مذكاة ، أو ميتة فليس المراد في الحديث حينئذ بيان أن هذه الأشياء مندرجة في المسكوت عنه فتكون حلالا ، بل بيان ضابط في معرفة الحلال والحرام على العموم والإطلاق بحديث يعرف منها حال هذه الأشياء وغيرها ، فالحديث موافق لحديث إن الله أمركم بأشياء فامتثلوها ونهاكم عن أشياء فاجتنبوها وسكت لكم عن أشياء رحمة منه فلا تسألوا عنها ، وبالجملة فالحديث يقتضي أن الأصل في الأشياء الحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية