صفحة جزء
باب الوقوف عند الشبهات

3984 حدثنا عمرو بن رافع حدثنا عبد الله بن المبارك عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
قوله : ( الحلال بين والحرام بين ) ليس المعنى أن كل ما هو حلال عند الله تعالى فهو بين يوصف بالحل يعرفه كل أحد بهذا الوصف وما هو حرام عند الله تعالى فهو كذلك ، [ ص: 477 ] وإلا لم يبق المشتبهات ، وإنما معناه ، والله أعلم أن الحلال من حيث الحكم بين بأنه لا يضر تناوله وكذلك الحرام بأنه يضر تناوله ويخرج عن الورع ويقرب إلى تناول الحرام ، وعلى هذا فقوله الحلال بين والحرام بين اعتذار لترك ذكر حكمهما (مشتبهات ) سبب تجاذب الأصول المبني عليها أصل الحلال والحرام فيها (استبرأ ) بالهمز بوزن استفعل من البراءة ، أي : طلب لدينه البراءة من النقصان ولعرضه من العيب والطعن (ومن وقع في الحرام ) أي : كاد أن يقع فيه (حول الحمى ) بكسر الحاء والقصر أرض يحميها الملوك ويمنعون الناس عن الدخول فيها فمن دخله أو وقع فله العقوبة ومن احتاط لنفسه لا يقارب ذلك الحمى خوفا عن الوقوع فيه ، والمحارم كذلك يعاقب الله على ارتكابها ، فمن احتاط لنفسه لا يقاربها بالوقوع في الشبهات (يوشك ) بضم الياء وكسر الشين ، أي : يقرب لأن يتعاهد به التساهل ويتمرن عليه ويجسر على شبهة أخرى أغلظ منها وهكذا حتى يقع في الحرام قوله : ( مضغة ) أي : قدر ما يمضغ (صلحت ) بفتح اللام وحكي ضمها وليس في فسدت إلا الفتح وعبر في بعض الروايات عن الصلاح والفساد بالصحة والسقم (ألا وهي القلب ) فإنه محل للنية التي بها صلاح الأعمال وفسادها ، وأيضا هو الأمير والملك بالنسبة إلى تام الجسد والرعية تابعة للملك ، الناس على دين ملوكهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية