صفحة جزء
باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

7 حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال قيل له لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة قال أجل لقد نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن لا نستنجي باليمين وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو نستنجي برجيع أو عظم
باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

القبلة بكسر القاف جهة ، يقال أين قبلتك ، أي إلى أين تتوجه ، وسميت القبلة قبلة لأن المصلي يقابلها وتقابله ، والحاجة تعم الغائط والبول .

( أبو معاوية ) : هو محمد بن خازم وفي بعض النسخ أبو معوذ وهو غلط ( قيل له ) أي لسلمان والقائلون بهذا القول المشركون ، ففي رواية مسلم قال لنا المشركون ( الخراءة ) قال الخطابي : هي مكسورة الخاء ممدودة الألف : أدب التخلي والقعود عند الحاجة ، وأكثر الرواة يفتحون الخاء ولا يمدون الألف فيفحش معناه . انتهى .

وقال عياض : بكسر [ ص: 26 ] الخاء " ممدود " - وهو اسم فعل الحدث ، وأما الحدث نفسه فبغير تاء ممدودة وبفتح للخاء .

وفي المصباح : خرئ يخرأ من باب تعب إذا تغوط ، واسم الخارج خرء مثل فلس وفلوس . انتهى ( بغائط ) : قال ولي الدين العراقي : ضبطناه في سنن أبي داود بالباء الموحدة وفي مسلم باللام ( أو بول ) قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة : والحديث دل على المنع من استقبالها ببول أو غائط ، وهذه الحالة تتضمن أمرين : أحدهما بخروج الخارج المستقذر ، والثاني كشف العورة ، فمن الناس من قال المنع للخارج لمناسبته لتعظيم القبلة عنه ، ومنهم من قال المنع لكشف العورة .

ويبنى على هذا الخلاف خلافهم في جواز الوطء مستقبل القبلة مع كشف العورة ، فمن علل بالخارج أباحه إذ لا خارج ، ومن علل بالعورة منعه ( وأن لا نستنجي باليمين ) أي أمرنا أن لا نستنجي باليمين أو لا زائدة ، أي نهانا أن نستنجي باليمين ، والنهي عن الاستنجاء باليمين على إكرامها وصيانتها عن الأقذار ونحوها ، لأن اليمين للأكل والشرب والأخذ والإعطاء ، ومصونة عن مباشرة الثفل وعن ممارسة الأعضاء التي هي مجاري الأثفال والنجاسات ، وخلقت اليسرى لخدمة أسفل البدن لإماطة ما هنالك من القذارات ، وتنظيف ما يحدث فيها من الدنس وغيره .

قال الخطابي : ونهيه عن الاستنجاء باليمين في قول أكثر العلماء نهي أدب وتنزيه .

وقال بعض أهل الظاهر : إذا استنجى بيمينه لم يجزه كما لا يجزيه برجيع أو عظم ( وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار ) : أي أمرنا أن لا يستنجي أحدنا بأقل منهما .

وفي رواية لأحمد : ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار .

وهذا نص صريح صحيح في أن استيفاء ثلاث مسحات لا بد منه .

قال الخطابي : فيه بيان أن الاستنجاء بالأحجار أحد المطهرين ، وأنه إذا لم يستعمل الماء لم يكن بد من الحجارة أو ما يقوم مقامها وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل .

وفي قوله : وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار البيان الواضح أن الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار لا يجوز وإن وقع الإنقاء بما دونها ، ولو كان به الإنقاء حسب لم يكن لاشتراط عدد الثلاث معنى إذ كان معلوما أن الإنقاء يقع بالمسحة الواحدة وبالمسحتين ، فلما اشترط العدد لفظا وعلم الإنقاء فيه معنى دل على إيجاب الأمرين ( أو نستنجي برجيع أو عظم ) ولفظ أو للعطف لا [ ص: 27 ] للشك ومعناه معنى الواو ، أي نهانا عن الاستنجاء بهما .

والرجيع : هو الروث ، والعذرة فعيل بمعنى فاعل لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا ، والروث : هو رجيع ذوات الحوافر .

وجاء في رواية رويفع بن ثابت فيما أخرجه المؤلف : رجيع دابة .

وأما عذرة الإنسان ، أي غائطه ، فهي داخلة تحت قوله صلى الله عليه وسلم : " إنها ركس " قال النووي في شرح صحيح مسلم : فيه النهي عن الاستنجاء بالنجاسات ، ونبه صلى الله عليه وسلم بالرجيع على جنس النجس ، وأما العظم فلكونه طعاما للجن فنبه به على جميع المطعومات . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية