صفحة جزء
662 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي قال سمعت النعمان بن بشير يقول أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه
[ ص: 273 ] ( أقيموا صفوفكم ) أي سووه وعدلوه وتراصوا فيه ( ثلاثا ) أي قال تلك الكلمة ثلاثا ( أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) إن لم تقيموا . وفي رواية الشيخين بين وجوهكم قال النووي : معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب ، كما تقول تغير وجه فلان علي أي ظهر لي من وجهه كراهته لي ، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم ، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن .

انتهى . قلت : يؤيده رواية المؤلف هذه ( قال ) أي النعمان بن بشير ( يلزق ) أي يلصق ( منكبه ) المنكب مجتمع العضد والكتف ( وكعبه بكعبه ) قال الحافظ : واستدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبي الرجل وهو عند ملتقى الساق والقدم وهو الذي يمكن أن يلزق بالذي بجنبه خلافا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم وهو قول شاذ . وفي صحيح البخاري عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه . وقال الحافظ في الفتح : قوله عن أنس رواه سعيد بن منصور عن هشيم ، فصرح فيه بتحديث أنس لحميد وفيه الزيادة التي في آخره وهي قوله وكان أحدنا إلى آخره ، وصرح بأنها من قول أنس ، وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ قال أنس : فرأيت أحدنا إلى آخره ، وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته ، وزاد معمر في روايته : ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر ، كأنه بغل شموس . انتهى .

قال في التعليق المغني : فهذه الأحاديث فيها دلالة واضحة على اهتمام تسوية الصفوف وأنها من إتمام الصلاة ، وعلى أنه لا يتأخر بعض على بعض ولا يتقدم بعضه على بعض ، وعلى أنه يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه وركبته بركبته ، لكن اليوم تركت هذه السنة ، ولو فعلت اليوم لنفر الناس كالحمر الوحشية . فإنا لله وإنا إليه راجعون . قال المنذري : أبو القاسم الجدلي هذا اسمه الحسين بن الحارث سمع من النعمان بن بشير يعد في الكوفيين .

التالي السابق


الخدمات العلمية