صفحة جزء
باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

748 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم يعني ابن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة قال أبو داود هذا حديث مختصر من حديث طويل وليس هو بصحيح على هذا اللفظ
قال الإمام الخطابي في المعالم : ذهب أكثر العلماء إلى أن الأيدي ترفع عند الركوع وعند رفع الرأس منه ، وهو قول أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة وابن عمر وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن الزبير وأنس ، وإليه ذهب الحسن البصري وابن سيرين وعطاء وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد وسالم وقتادة ومكحول ، وبه قال الأوزاعي ومالك في آخر أمره والشافعي وأحمد وإسحاق وذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي ، إلى حديث ابن مسعود ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وقد روي ذلك عن الشعبي والنخعي . انتهى .

( قال عبد الله بن مسعود ألا أصلي بكم إلخ ) احتجت الحنفية على عدم استحباب رفع الأيدي في غير تكبيرة الإحرام بهذا الحديث ، لكنه لا يصلح للاحتجاج لأنه ضعيف غير ثابت . قال الحافظ ابن حجر في التلخيص : قال ابن المبارك لم يثبت عندي . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه قال : هذا حديث خطأ . وقال أحمد بن حنبل وشيخه يحيى بن آدم : هو ضعيف نقله البخاري عنهما وتابعهما على ذلك . وقال أبو داود ليس هو بصحيح . وقال الدارقطني لم يثبت . وقال ابن حبان في الصلاة : هذا أحسن خبر روي لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه ، وهو في الحقيقة أضعف شيء [ ص: 339 ] يعول عليه لأن له عللا تبطله وهؤلاء الأئمة إنما طعنوا كلهم في طريق عاصم بن كليب الأولى ، أما طريق محمد بن جابر فذكرها ابن الجوزي في الموضوعات وقال عن أحمد : محمد بن جابر لا شيء ولا يحدث عنه إلا من هو شر منه . انتهى .

وقال البخاري في جزء رفع اليدين : قال أحمد بن حنبل عن يحيى بن آدم قال : نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب ليس فيه ثم لم يعد فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم لأن الرجل يحدث بشيء ثم يرجع إلى الكتاب فيكون كما في الكتاب . انتهى .

فإن قلت : حديث ابن مسعود المذكور حسنه الترمذي وصححه ابن حزم فهو صالح للاحتجاج ، قلت : أين يقع هذا التحسين والتصحيح من قدح أولئك الأئمة الأكابر فيه ؟ غاية الأمر ونهايته أن يكون ذلك الاختلاف موجبا لسقوط الاستدلال به ، ثم لو سلم صحة حديث ابن مسعود ولم نعتبر بقدح أولئك الأئمة فيه ، فليس بينه وبين الأحاديث المثبتة للرفع في الركوع والاعتدال منه تعارض لأنها متضمنة للزيادة التي لا منافاة بينها وبين المزيد وهي مقبولة بالإجماع قاله الشوكاني . وقال الخطابي : والأحاديث الصحيحة التي جاءت بإثبات رفع اليدين عند الركوع وبعد رفع الرأس منه أولى من حديث ابن مسعود والإثبات أولى من النفي ، وقد يجوز أن يذهب ذلك على ابن مسعود كما ذهب عليه الأخذ بالركبة في الركوع ، وكان يطبق بيديه على الأمر الأول ، وخالفه الصحابة كلهم في ذلك . انتهى .

قلت : ما ذكر الإمام الخطابي بقوله قد يجوز أن يذهب ذلك إلخ فليس مما يستغرب ، فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون وهو المعوذتان ، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه كالتطبيق في الركوع وقيام الاثنين خلف الإمام ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود ، ونسي كيف قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما خلق الذكر والأنثى وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين . قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي ، وقال الترمذي حديث حسن . وقد حكى عن عبد الله بن المبارك أنه قال لا يثبت هذا الحديث ، وقال غيره لم يسمع عبد الرحمن عن علقمة وقد يكون خفي هذا على ابن مسعود كما خفي عليه نسخ التطبيق ويكون ذلك في [ ص: 340 ] الابتداء قبل أن يشرع رفع اليدين في الركوع ثم صار التطبيق منسوخا وصار الأمر في السنة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه انتهى .

( هذا حديث مختصر من حديث طويل وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ) المذكور .

قال البخاري في جزء رفع اليدين حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود حدثنا علقمة أن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقام وكبر ورفع يديه ثم ركع وطبق بين يديه فجعلهما بين ركبتيه فبلغ ذلك سعدا فقال صدق أخي ألا بل قد نفعل ذلك في أول الإسلام ثم أمرنا بهذا قال البخاري : وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود فالحديث الطويل الذي أشار إليه المؤلف لعله هو هذا الذي ذكره البخاري والله تعالى أعلم . واعلم أن هذه العبارة موجودة في نسختين عتيقتين عندي وليست في عامة نسخ أبي داود الموجودة عندي .

التالي السابق


الخدمات العلمية