صفحة جزء
988 حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى وساقه وفرش قدمه اليمنى ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بأصبعه وأرانا عبد الواحد وأشار بالسبابة
( إذا قعد في الصلاة ) ولفظ مسلم في صحيحه من حديث ابن الزبير " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ويفرش قدمه اليمنى " واختار هذه الصفة أبو القاسم الخرقي في مصنفه ولعله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل هذا تارة وقد وقع الخلاف في الجلوس للتشهد الأخير هل هو واجب أم لا فقال بالوجوب عمر بن الخطاب وأبو مسعود ، ومن الأئمة أبو حنيفة والشافعي . وقال علي بن أبي طالب ، ومن الفقهاء الثوري والزهري ومالك إنه غير واجب . استدل الأولون بملازمته - صلى الله عليه وسلم - ، والآخرون بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه المسيء ، ومجرد الملازمة لا تفيد الوجوب . قال الشوكاني : هذا هو الظاهر لا سيما مع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المسيء بعد أن علمه فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك ولا يتوهم أن ما دل على وجوب التسليم دل على وجوب جلوس التشهد لأنه لا ملازمة بينهما .

( أشار بالسبابة ) أي المسبحة حين الجلوس . وقد ورد في وضع اليمنى على الفخذ حال التشهد هيئات : الأولى ما أخرجه المؤلف من حديث وائل في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه " جعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها " والثانية ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة . والثالثة قبض كل الأصابع والإشارة بالسبابة كما في حديث ابن عمر . والرابعة ما أخرجه مسلم والمؤلف من حديث ابن الزبير بلفظ " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بأصبعه السبابة ووضع إبهامه على أصبعه الوسطى ويلقم كفه اليسرى ركبته " والخامسة وضع اليد اليمنى على الفخذ من غير قبض والإشارة بالسبابة . وقد أخرج مسلم [ ص: 207 ] رواية أخرى عن ابن الزبير تدل على ذلك لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة وتقدمت هذه الرواية . وكذلك أخرج المؤلف والترمذي من حديث أبي حميد بدون ذكر القبض اللهم إلا أن تحمل الرواية التي لم يذكر فيها القبض كما تقدم بيانه آنفا .

وقد جعل الحافظ ابن القيم في زاد المعاد الروايات المذكورة كلها واحدة ، قال فإن من قال قبض أصابعه الثلاث أراد به أن الوسطى كانت مضمومة ولم تكن منشورة كالسبابة ، ومن قال قبض اثنين أراد أن الوسطى لم تكن مقبوضة مع البنصر بل الخنصر والبنصر متساويتان في القبض دون الوسطى ، وقد صرح بذلك من قال وعقد ثلاثا وخمسين ، فإن الوسطى في هذا العقد تكون مضمومة ولا تكون مقبوضة مع البنصر انتهى .

قلت : ما قاله الحافظ ابن القيم ليس بواضح والصحيح ما قال الرافعي إن الأخبار وردت بها جميعا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع مرة هكذا ومرة هكذا انتهى . وقال الطيبي : وللفقهاء في كيفية عقدها وجوه أحدها أن يعقد الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل المسبحة ويضم الإبهام إلى أصل المسبحة وهو عقد ثلاثة وخمسين ، والثاني أن يضم الإبهام إلى الوسطى المقبوضة كالقابض ثلاثا وعشرين فإن ابن الزبير رواه كذلك .

قال الأشرف : وهذا يدل على أن في الصحابة من يعرف هذا العقد والحساب المخصوص ، والثالث أن يقبض الخنصر والبنصر ويرسل المسبحة ويحلق الإبهام والوسطى كما رواه وائل بن حجر انتهى . قال في المحلى : وهي صورة عقد تسعين وهو المختار عند الحنابلة وهو القول القديم للشافعي انتهى .

والحديث يدل على استحباب وضع اليدين على الركبتين حال الجلوس للتشهد وهو مجمع عليه . قال أصحاب الشافعي : تكون الإشارة بالأصبع عند قوله إلا الله من الشهادة . قال النووي : والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته ، وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود ويشير بها موجهة إلى القبلة وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص . قال ابن رسلان : والحكمة في الإشارة بها إلى أن المعبود سبحانه وتعالى واحد ليجمع في توحيده بين القول والفعل والاعتقاد . وروي عن ابن عباس في الإشارة أنه قال هي الإخلاص ، وقال مجاهد مقمعة الشيطان . وفي المحلى شرح الموطأ قال الحلواني من الحنفية يقيم إصبعه عند قوله لا إله إلا الله ويضع عند قوله إلا الله فيكون الرفع للنفي والوضع للإثبات وقال الشافعية يشير عند قوله إلا الله وروى البيهقي فيهما حديثا ذكره [ ص: 208 ] النووي وفيه حديث خفاف أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بها للتوحيد ذكره البيهقي وقال : السنة أن لا يجاوز بصره إشارته كما صح في أبي داود ويشير بها موجهة إلى القبلة وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص انتهى . وسيجيء بعض بيانه .

قال المنذري : والحديث أخرجه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية