صفحة جزء
باب الفريضة على الراحلة من عذر

1228 حدثنا محمود بن خالد حدثنا محمد بن شعيب عن النعمان بن المنذر عن عطاء بن أبي رباح أنه سأل عائشة رضي الله عنها هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب قالت لم يرخص لهن في ذلك في شدة ولا رخاء قال محمد هذا في المكتوبة
هل تجوز ـ وهكذا لفظ الباب ـ أي الفريضة على الراحلة من عذر في جميع النسخ الحاضرة . وأما في النسختين من المنذري بخط عتيق فباب الفريضة على الراحلة من غير عذر بزيادة لفظ غير .

( هل رخص ) : بصيغة المجهول أي رخص في زمان نزول الوحي ( لم يرخص ) بصيغة المجهول أي من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( في ذلك ) : أي في أداء الصلاة على الدواب ( في شدة ) : والمراد بالشدة الأمر الذي تجعل على نفسها شديدة محكمة من غير أن يحكم به الشرع . ومثله رواية عامر بن ربيعة قال : " رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو على راحلته يسبح يومئ برأسه قبل أي وجهة توجه ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة " متفق عليه فتحمل هذه الرواية على غير الضرورة الشرعية ، وأما الضرورة الشرعية فيجوز أداء الفرض على الدواب والراحلة ، لما أخرج أحمد في مسنده والدارقطني والترمذي والنسائي عن يعلى بن مرة " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع " قال الترمذي حديث غريب تفرد به عمر بن ميمون بن الرماح البلخي لا يعرف إلا من حديثه . وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم .

وكذا روي عن أنس بن مالك أنه صلى في ماء وطين على دابته ، والعمل على هذا عند أهل العلم وبه يقول أحمد وإسحاق انتهى .

قال في شرح الأحكام لابن تيمية : والحديث صححه عبد الحق وحسنه النووي ، وضعفه البيهقي وهو يدل على ما ذهب إليه البعض من صحة صلاة الفريضة على الراحلة كما [ ص: 72 ] تصح في السفينة بالإجماع . وقد صحح الشافعي الصلاة المفروضة على الراحلة بالشروط التي ستأتي . وحكى النووي في شرح مسلم والحافظ في الفتح الإجماع على عدم جواز ترك الاستقبال في الفريضة . قال الحافظ : لكن رخص في شدة الخوف وحكى النووي أيضا الإجماع على عدم صلاة الفريضة على الدابة قال فلو أمكنه استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود على دابة واقفة عليها هودج أو نحوه ، جازت الفريضة على الصحيح من مذهب الشافعي ، فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي ، وقيل تصح كالسفينة فإنها تصح فيها الفريضة بالإجماع .

ولو كان في ركب وخاف لو نزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه الضرر ، قال أصحاب الشافعي : يصلي الفريضة على الدابة بحسب الإمكان ويلزمه إعادتها لأنه عذر نادر انتهى .

قال في شرح الأحكام : والحديث يدل على جواز صلاة الفريضة على الراحلة ولا دليل على اعتبار تلك الشروط إلا عمومات يصلح هذا الحديث لتخصيصها وليس في الحديث إلا ذكر عذر المطر ونداوة الأرض فالظاهر صحة الفريضة على الراحلة في السفر لمن حصل له مثل هذا العذر ، وإن لم يكن في هودج إلا أن يمنع من ذلك إجماع ولا إجماع ، فقد روى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنهما يقولان بجواز الفريضة على الراحلة إذا لم يجد موضعا يؤدي فيه الفريضة نازلا ، ورواه العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي انتهى . ( هذا في المكتوبة ) : أي عدم الرخصة .

قال المنذري : قال الدارقطني : تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء . هذا آخر كلامه . والنعمان بن المنذر هذا غساني دمشقي ثقة كنيته أبو الوزير انتهى .

277 - باب متى يتم المسافر

التالي السابق


الخدمات العلمية