صفحة جزء
باب صلاة الضحى

1285 حدثنا أحمد بن منيع عن عباد بن عباد ح و حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد المعنى عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة وبضعة أهله صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى قال أبو داود وحديث عباد أتم ولم يذكر مسدد الأمر والنهي زاد في حديثه وقال كذا وكذا وزاد ابن منيع في حديثه قالوا يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة قال أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم
قال الخطابي : المراد وقت الضحى وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقي شعاعها انتهى .

قال القاري : قيل التقدير صلاة وقت الضحى والظاهر أن إضافة الصلاة إلى الضحى بمعنى في كصلاة الليل وصلاة النهار فلا حاجة إلى القول بحذف المضاف ، وقيل من باب إضافة المسبب كصلاة الظهر . وقال ميرك : الضحوة بفتح المعجمة وسكون المهملة ارتفاع النهار ، والضحى بالضم والقصر شروقه وبه سمي صلاة الضحى ، والضحاء بالفتح والمد هو إذا علت الشمس إلى زيغ الشمس فما بعده ، وقيل وقت الضحى عند مضي ربع اليوم إلى قبيل الزوال ، وقيل هذا وقته المتعارف ، وأما وقته فوقت صلاة الإشراق ، وقيل : الإشراق أول الضحى . قال النووي : وإن أقلها ركعتان وأكملها ثماني ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست .

( يحيى بن عقيل ) : بضم العين قاله السيوطي ( على كل سلامى ) : هو بضم [ ص: 122 ] السين وتخفيف اللام وأصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله . وفي صحيح مسلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " خلق الإنسان على ستين وثلاثمائة مفصل على كل مفصل صدقة " قاله النووي : وفي النهاية السلامى جمع سلامية وهي الأنملة من أنامل الأصابع ، وقيل واحده وجمعه سواء ويجمع على سلاميات وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان وقيل السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام المعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة انتهى . وقال الخطابي : إن كل عضو ومفصل من بدنه عليه صدقة .

انتهى ( وإماطة الأذى ) : أي إزالة الأذى ( وبضعة أهله ) : البضع بضم الباء هو الجماع ، والمعنى مباشرته مع أهله ( ويجزئ من ذلك كله ) : ويجزئ بفتح أوله وضمه فالضم من الإجزاء والفتح من جزى يجزي أي كفى ، ومنه قوله تعالى : لا تجزي نفس وفي الحديث " لا يجزئ عن أحد بعدك " وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها وأنها تصح ركعتين والحث على المحافظة عليها . وفي الباب عن عائشة : " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبه وأنها ما رأته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي سبحة الضحى قط قالت : وإنه لأسبحها وإن كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليدع العمل وهو يجب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم " وفي رواية عنها : " أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما يشاء " وفي رواية " ما شاء الله " وفي حديث أم هانئ " أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى ثماني ركعات " وفي حديث أبي ذر وأبي هريرة وأبي الدرداء ركعتان وهذه الأحاديث المروية في صحيح مسلم وغيره كلها متفقة لا اختلاف بينهما عند أهل التحقيق وحاصلها أن الضحى سنة متأكدة وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وبينهما أربع أو ست كلاهما أكمل من ركعتين ودون ثمان ، وأما الجمع بين حديثي عائشة في نفي صلاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الضحى وإثباتها ، فهو أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصليها بعض الأوقات لفضلها ويتركها في بعضها خشية أن تفرض كما ذكرته عائشة ، ويتأول قولها ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه ، على أن معناه ما رأيته كما قالت في الرواية الثانية : " ما رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي سبحة الضحى " وسببه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر من الأوقات فإنه قد يكون في ذلك مسافرا ، وقد يكون حاضرا ولكنه في المسجد أو في موضع آخر إذا كان عند نسائه فإنما كان لها يوم من تسعة فيصح قولها ما رأيته .

قال المنذري : وأخرجه مسلم ، وفي الألفاظ اختلاف ( [ ص: 123 ] وحديث عباد ) : من رواية أحمد بن منيع عنه عن واصل ( أتم ) : من حديث مسدد عن حماد بن زيد عن واصل ( ولم يذكر مسدد ) : في روايته ( الأمر والنهي ) : كما ذكره أحمد بن منيع ( زاد ) : أي مسدد في روايته ( وقال كذا وكذا ) : هكذا أبهم ولم يذكر المشار إليه ، وصرح أحمد بن منيع به ، وهو ذكر الأمر والنهي ( وزاد ابن منيع ) : دون مسدد ( يقضي شهوته ) أي يجامع أهله لقضاء شهوته ( قال ) : النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أرأيت ) : أي أخبرني ( لو وضعها ) : أي شهوته ( في غير حلها ) : وهو الزنا ( ألم يكن يأثم ) : ويرتكب المعصية .

التالي السابق


الخدمات العلمية