صفحة جزء
باب كم يؤدى في صدقة الفطر

1611 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك وقرأه علي مالك أيضا عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر قال فيه فيما قرأه علي مالك زكاة الفطر من رمضان صاع من تمر أو صاع من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين حدثنا يحيى بن محمد بن السكن حدثنا محمد بن جهضم حدثنا إسمعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا فذكر بمعنى مالك زاد والصغير والكبير وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة قال أبو داود رواه عبد الله العمري عن نافع بإسناده قال على كل مسلم ورواه سعيد الجمحي عن عبيد الله عن نافع قال فيه من المسلمين والمشهور عن عبيد الله ليس فيه من المسلمين
[ ص: 5 ] ( وقرأه على مالك أيضا ) : المعنى والله أعلم ، أن مالكا حدث عبد الله بن مسلمة بهذا الحديث مرتين ، مرة قرأ عبد الله على مالك الإمام كما كان دأب مالك وتم حديثه على قوله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر ، ومرة قرأ مالك على عبد الله بن مسلمة ، لكن زاد مالك في مرة أخرى على الرواية الأولى . فلفظ ما في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى .

( فرض زكاة الفطر ) : فيه دليل على أن صدقة الفطر من الفرائض . وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك ، ولكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرضية ، على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب .

قالوا : إذ لا دليل قاطع تثبت به الفرضية . قال الحافظ : وفي نقل الإجماع نظر لأن إبراهيم ابن علية وأبا بكر بن كيسان الأصم قالا : إن وجوبها نسخ واستدل لهما بما روى النسائي وغيره عن قيس بن سعد بن عبادة قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهانا ونحن نفعله . قال : وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا ، وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ ؛ لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول لأن نزول فرض الواجب سقوط فرض آخر . وقد ثبت أن قوله تعالى : قد أفلح من تزكى نزلت في زكاة الفطر ، كما روى ذلك ابن خزيمة ( زكاة الفطر ) : أضيفت الزكاة إلى الفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان كما في الفتح . وقد استدل بقوله : زكاة الفطر على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر ؛ لأنه وقت الفطر من رمضان ، وقيل : وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد ؛ لأن الليل ليس محلا للصوم ، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر ، والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي في الجديد وإحدى الروايتين عن مالك ، والثاني قول أبي حنيفة والليث والشافعي في القديم ، والرواية الثانية عن مالك [ ص: 6 ] ( صاع من تمر أو صاع من شعير ) : الصاع خمسة أرطال وثلث رطل وهو قول أهل المدينة وأهل الحجاز كافة ، وهذا هو الصحيح من حيث الرواية . وذهب العراقيون إلى أن الصاع ثمانية أرطال وهو غير صحيح وقد تقدم البحث مبسوطا في باب مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل أو للتخيير .

( قال الطيبي ) : دل على أن النصاب ليس بشرط . قال القاري أي للإطلاق ، وإلا فلا دلالة فيه نفيا وإثباتا . فعند الشافعي تجب إذا فضل عن قوته وقوت عياله ليوم العيد وليلته قدر صدقة الفطر .

أقول : وهذا تقدير نصاب كما لا يخفى ، إلا أن الحنفية قيدوا هذا الإطلاق بأحاديث وردت تفيد التقييد بالغنى وصرفوه إلى المعنى الشرعي والعرفي وهو من يملك نصابا ، منها قوله عليه الصلاة والسلام : لا صدقة إلا عن ظهر غنى ، رواه الإمام أحمد في مسنده انتهى ( على كل حر أو عبد ) : ظاهره وجوبها على العبد وإن كان سيده يتحملها عنه ، قال الخطابي : ظاهره إلزام العبد نفسه إلا أنه لا ملك له فيلزم السيد إخراجه عنه . وقال داود : لازم للعبد وعلى السيد أن يمكنه من الكسب حتى يكسب فيؤديه .

( من المسلمين ) : وفيه دليل على أنه يزكي عن عبيده المسلمين كانوا للتجارة أو الخدمة ؛ لأن عموم اللفظ شملهم كلهم ، وفيه وجوبها على الصغير منهم والكبير والحاضر والغائب ، وكذلك الآبق منهم والمرهون والمغصوب ، وفي كل من أضيف إلى ملكه . وفيه دليل على أنه لا يزكي عن عبيده الكفار لقوله من المسلمين فقيده بشرط الإسلام ، فدل على أن عبده الذمي لا يلزمه ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل .

وروي ذلك عن الحسن البصري . وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه : يؤدي عبده الذمي ، وهو قول عطاء والنخعي . وفيه دليل على أن إخراج أقل من صاع لا يجزئ ، وذلك أنه ذكر في هذا الخبر التمر والشعير وهما قوت أهل ذلك الزمان في ذلك المكان فقياس ما يقتاتونه من البر وغيره من أقوات أنه لا يجزئ منه أقل من صاع .

وقد اختلف الناس في هذا فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق لا يجزئه من البر [ ص: 7 ] أقل من صاع ، وروي عن الحسن وجابر بن زيد وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري يجزئه من الزبيب نصف صاع كالقمح . وروي عن جماعة من الصحابة إخراج نصف صاع البر .

كذا في معالم السنن للخطابي . وقال المنذري : أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

( بمعنى ) : حديث ( مالك ) : ولفظ البخاري من طريق عمر بن نافع عن أبيه نافع عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل الصلاة انتهى .

قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي ( رواه عبد الله ) : المكبر ( العمري ) : أبو عبد الرحمن وفيه ضعف وحديثه عند الدارقطني بلفظ : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر على كل مسلم حر أو عبد ذكر أو أنثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير ( رواه سعيد ) : بن عبد الرحمن ( الجمحي ) : بضم الجيم وفتح الميم المخففة منسوب إلى جمح بن عمر ( عن عبيد الله ) : المصغر وحديثه عند الحاكم في المستدرك بلفظ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين وصححه ، ورواه الدارقطني في سننه من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله عن نافع . وفي بعض نسخ الدارقطني عن عبد الله عن نافع والصحيح هو الأول أي المصغر . والله أعلم .

( والمشهور عن عبيد الله ) : المصغر ( ليس فيه ) : في حديث زكاة الفطر لفظ ( من المسلمين ) : أخرج مسلم من طريق عبد الله بن نمير وأبي أسامة كلاهما عن عبيد الله [ ص: 8 ] المصغر عن نافع عن ابن عمر قال : فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل عبد أو حر صغير أو كبير . والمعنى أن سعيدا الجمحي روى عن عبيد الله ، فذكر في حديثه لفظ المسلمين ، وأما غير سعيد مثل رواة عبيد الله مثل عبد الله بن نمير وأبي أسامة كما عند مسلم ويحيى بن سعيد وبشر بن المفضل وأبان كما سيجيء عند المؤلف فلم يذكر واحد منهم عن عبيد الله لفظ المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية