صفحة جزء
باب تفريق الوضوء

173 حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب عن جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة حدثنا أنس بن مالك أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فأحسن وضوءك قال أبو داود هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم ولم يروه إلا ابن وهب وحده وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال ارجع فأحسن وضوءك حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد أخبرنا يونس وحميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى قتادة
[ ص: 229 ] باب تفريق الوضوء

أي التفريق بين أعضاء الوضوء في الغسل بأن غسل أكثر الأعضاء أو بعضها وترك بعضها عمدا أو جاهلا ويبست الأعضاء ثم غسلها أو بل ذلك الموضع فما الحكم فيمن فعل ذلك ، أيعيد الوضوء أو يبل ذلك الموضع .

( الظفر ) : فيه لغات أجودها ظفر بضم الظاء والفاء ، وبه جاء القرآن العزيز ويجوز إسكان الفاء ، ويقال ظفر بكسر الظاء وإسكان الفاء ، وظفر بكسرهما ، وقرئ بها في الشواذ ، وجمعه أظفار وجمع الجمع أظافير ، ويقال في الواحد أيضا أظفور . قاله النووي ( ارجع فأحسن وضوءك ) : قال بعض العلماء : هذا الحديث يدل على عدم وجوب إعادة الوضوء لأنه أمر فيه بالإحسان لا بالإعادة ، والإحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو ، وبه قال أبو حنيفة ، فعنده لا يجب الموالاة في الوضوء ، واستدل به القاضي عياض على خلاف ذلك فقال : الحديث يدل على وجوب الموالاة في الوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم : أحسن وضوءك ، ولم يقل : اغسل الموضع الذي تركته . انتهى . ويجيء بعض بيان ذلك تحت الحديث الآتي . والحديث فيه من الفوائد : منها أن من ترك شيئا من أعضاء طهارته جاهلا لم تصح طهارته . ومنها تعليم الجاهل والرفق به . ومنها أن الواجب في الرجلين الغسل دون المسح . والله أعلم . قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه .

( عن جرير بن حازم ولم يروه إلا ابن وهب ) : وقال الدارقطني : تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة . وحاصل الكلام أن ابن وهب وجريرا كل واحد منهما متفرد عن شيخه ، فلم يرو عن قتادة إلا جرير ، ولم يرو عن جرير إلا ابن وهب ( ارجع فأحسن [ ص: 230 ] وضوءك ) : قال الخطابي : ظاهر معناه إعادة الوضوء في تمام ، ولو كان تفريقه جائزا لأشبه أن يقتصر فيه على الأمر بغسل ذلك الموضع ، أو كان يأمره بإسالة الماء في مقامه ذلك ، وأن لا يأمره بالرجوع إلى المكان الذي يتوضأ فيه . انتهى .

وحديث عمر رضي الله عنه أخرجه مسلم : حدثني سلمة بن شبيب قال أخبرنا الحسن بن محمد بن أعين قال أخبرنا معقل عن أبي الزبير عن جابر قال أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فأحسن وضوءك ، فرجع ثم صلى وأخرجه أحمد في مسنده مثله وزاد : ثم توضأ . وعقد الإمام البخاري في ذلك بابا وقال : باب تفريق الغسل والوضوء . ويذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعدما جف وضوءه . قال الحافظ في الفتح : باب تفريق الوضوء أي جوازه ، وهو قول الشافعي في الجديد ، واحتج بأن الله تعالى أوجب غسل الأعضاء ، فمن غسلها فقد أتى بما وجب عليه فرقها أو نسقها ، ثم أيد ذلك بفعل ابن عمر . وبذلك قال ابن المسيب وعطاء وجماعة . وقال ربيعة ومالك : من تعمد ذلك فعليه الإعادة ومن نسي فلا . وعن مالك . إن قرب التفريق بنى وإن أطال أعاد . وقال قتادة والأوزاعي : لا يعيد إلا إن جف . وأجازه النخعي مطلقا في الغسل دون الوضوء . ذكر جميع ذلك ابن المنذر . وقال : ليس مع من جعل الجفاف حدا لذلك حجة . وقال الطحاوي : الجفاف ليس بحدث فينقض كما لو جف جميع أعضاء الوضوء لم تبطل الطهارة . وأثر ابن عمر رويناه في الأم عن مالك عن نافع عنه لكن فيه : أنه توضأ في السوق دون رجليه ثم رجع إلى المسجد فمسح على خفيه ثم صلى والإسناد صحيح ، فيحتمل أنه إنما لم يجزم به لكونه ذكر بالمعنى . قال الشافعي : لعله قد جف وضوءه لأن الجفاف قد يحصل بأقل مما بين السوق والمسجد . انتهى . قال البيهقي في المعرفة : أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرقه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء به متتابعا ثم ساق الكلام إلى أن قال : فإن قطع الوضوء فأحب أن يستأنف وضوءا . ولا يتبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء ، واحتج بما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعي لجنازة فدخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها وفي الحديث الثابت عن عمر وغيره في معنى هذا ارجع فأحسن وضوءك . وقد روينا عن عمر في جواز التفريق . انتهى . [ ص: 231 ] ( عن الحسن ) : بن يسار البصري إمام جليل مرسلا ( بمعنى ) : حديث ( قتادة ) : عن أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية