صفحة جزء
باب الطواف الواجب

1877 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله يعني ابن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن
[ ص: 259 ] [ ص: 260 ] هكذا في جميع النسخ الحاضرة ، وكذا في نسخ المنذري ، وفي المعالم للخطابي باب طواف البيت ، والمراد بهذا الطواف طواف القدوم وظاهر تبويب المؤلف يدل على أنه يذهب إلى وجوبه كما هو رأي مالك وبعض الحنفية ، قال علي القاري الحنفي في شرح مناسك الحج :

الأول : طواف القدوم ويسمى طواف التحية ، وهو سنة على ما في عامة الكتب المعتمدة ، وفي خزانة المفتين أنه واجب على الأصح .

والثاني : طواف الزيارة ويسمى طواف الركن والإفاضة ، وطواف الحج وطواف الفرض وطواف يوم النحر ، وهو ركن لا يتم الحج إلا به .

الثالث : طواف الصدر ويسمى طواف الوداع وهو واجب على الآفاقي دون المكي ، انتهى ملخصا .

وفي رحمة الأمة في اختلاف الأئمة : وطواف القدوم سنة عند الثلاثة أي أبي حنيفة والشافعي وأحمد وقال مالك : إن تركه مطيقا لزمه دم وطواف الإفاضة ركن بالاتفاق ، وطواف الوداع من واجبات الحج على المشهور عند الفقهاء إلا لمن أقام فلا وداع عليه ، وقال أبو حنيفة : لا يسقط إلا بالإقامة ، انتهى .

ويشبه أن يكون استدلال المؤلف على وجوبه بأنه ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طواف القدوم مع كونه يشتكي ، بل طاف على بعيره وكذا أمر أم سلمة - رضي الله عنها - بأنها تطوف راكبة ، وهذا شأن ما يكون واجبا . وفي شرح المنتقى : قد اختلف في وجوب طواف القدوم فذهب مالك وأبو ثور وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه فرض لقوله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق ولفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله - صلى الله عليه وسلم - : خذوا عني مناسككم . وقال أبو حنيفة : إنه سنة . وقال الشافعي : هو كتحية المسجد قالا لأنه ليس فيه إلا فعله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو لا يدل على الوجوب . وأما الاستدلال على الوجوب بالآية فقال بعضهم : إنها لا تدل على طواف القدوم ؛ لأنها في طواف الزيارة إجماعا ، والله أعلم . كذا في غاية المقصود .

( يستلم الركن بمحجن في الطواف ) : قال الخطابي : معنى طوافه على البعير أن يكون بحيث يراه الناس وأن يشاهدوه [ ص: 261 ] فيسألوه عن أمر دينهم ويأخذوا عنه مناسكهم ، فاحتاج إلى أن يشرف عليهم ، وقد روي هذا المعنى عن جابر بن عبد الله . وفيه من الفقه جواز الطواف عن المحمول ، وإن كان مطيقا للمشي . وقد يستدل بهذا الحديث من يرى بول ما يؤكل لحمه طاهرا ؛ لأن البعير إذا بقي في المسجد المدة التي يقضى فيها الطواف لم يكد يخلو من أن يبول ، فلو كان بوله ينجس المكان لنزه المسجد عن إدخاله فيه ، والله أعلم . والمحجن العود المعقف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته .

قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية