صفحة جزء
باب أي وقت يخطب يوم النحر

1956 حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي حدثنا مروان عن هلال بن عامر المزني حدثني رافع بن عمرو المزني قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلي رضي الله عنه يعبر عنه والناس بين قاعد وقائم
( رافع بن عمرو المزني ) : نسبة إلى قبيلة مزينة بضم الميم وفتح الزاي ( يخطب الناس بمنى ) : أي أول النحر بقرينة قوله ( حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء ) : أي بيضاء يخالطها قليل سواد . ولا ينافيه حديث قدامة : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء ( وعلي - رضي الله عنه - يعبر عنه ) : من التعبير أي يبلغ حديثه من هو بعيد من النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو - رضي الله عنه - وقف حيث يبلغه صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - ويفهمه فيبلغه للناس ويفهمهم من غير زيادة ونقصان ( والناس بين قائم وقاعد ) : أي بعضهم قاعدون وبعضهم قائمون وهم كثيرون حيث بلغوا مائة ألف وثلاثين ألفا ، كذا في المرقاة .

واعلم أن حديث الهرماس بن زياد وأبي أمامة وغيره يدل على مشروعية الخطبة في يوم النحر ، وهو يرد على من زعم أن يوم النحر لا خطبة فيه للحاج وأن هذه الأحاديث إنما هي من قبيل الوصايا العامة لا أنها خطبة من شعار الحج .

ووجه الرد أن الرواة سموها خطبة كما سموا التي وقعت بعرفات خطبة وقد اتفق على [ ص: 339 ] مشروعية الخطبة بعرفات ولا دليل على ذلك إلا ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب بعرفات .

والقائلون بعدم مشروعية الخطبة يوم النحر هم المالكية والحنفية . وقالوا : خطب الحج سابع ذي الحجة ويوم عرفة ، وثاني يوم النحر ووافقهم الشافعي ، إلا أنه قال بدل ثاني النحر : ثالثه ، وزاد خطبة رابعة وهي يوم النحر . قال وبالناس إليها حاجة ؛ ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمي والذبح والحلق والطواف ، واستدل بالأحاديث الواردة في ذلك .

وتعقبه الطحاوي : بأن الخطبة المذكورة يوم النحر ليست من متعلقات الحج ؛ لأنه لم يذكر فيها شيئا من أعمال الحج ، وإنما ذكر وصايا عامة . قال : ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئا مما يتعلق بالحج يوم النحر ، فعرفنا أنها لم تقصد لأجل الحج .

وقال ابن القصار : إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا ، فظن الذي رآه أنه خطب ، قال وأما ما ذكره الشافعي أن بالناس حاجة إلى تعليمهم أسباب التحلل المذكورة فليس بمتعين ؛ لأن الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها بمكة أو يوم عرفة ، انتهى .

وأجيب بأنه - صلى الله عليه وسلم - نبه في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر ، وعلى تعظيم عشر ذي الحجة وعلى تعظيم بلد الحرام ، وقد جزم الصحابة بتسميتها خطبة فلا تلتفت إلى تأويل غيرهم . وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكره يوم عرفة يعكر عليه كونه يرى مشروعية الخطبة ثاني يوم النحر ، وكان يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يأتي بعده من أعمال الحج ، لكن لما كان في كل يوم أعمال ليست في غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجدد الأسباب .

وأما قول الطحاوي : إنه لم يعلمهم شيئا من أسباب التحلل فيرده ما عند البخاري من حديث عمرو بن العاص أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم النحر ، وذكر فيه السؤال عن تقديم بعض المناسك . كذا في النيل .

قال المنذري : وأخرجه النسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية