صفحة جزء
باب في الشغار

2074 حدثنا القعنبي عن مالك ح و حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى عن عبيد الله كلاهما عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار زاد مسدد في حديثه قلت لنافع ما الشغار قال ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق
[ ص: 67 ] بكسر الشين المعجمة وبالغين المعجمة أصله في اللغة الرفع يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كأنه قال : لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك ، وقيل هو من شغر البلد إذا خلا لخلوه عن الصداق . ويقال : شغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع . قال ابن قتيبة : كل واحد منهما يشغر عند الجماع . وكان الشغار من نكاح الجاهلية ، وأجمع العلماء على أنه منهي عنه . قاله النووي .

( قلت لنافع ما الشغار ) : قال ابن البر : ذكر تفسير الشغار جميع رواة مالك عنه ، قال الحافظ في الفتح : ولا يرد على إطلاقه أن أبا داود ، يعني المؤلف أخرجه عن القعنبي فلم يذكر التفسير ، وكذا أخرجه الترمذي من طريق معن بن عيسى لأنهما اختصرا ذلك في تصنيفهما ، وإلا فقد أخرجه النسائي من طريق معن بالتفسير ، وكذا أخرجه الخطيب في المدرج من طريق القعنبي انتهى .

واعلم أنه اختلف الرواة عن مالك فيمن ينسب إليه تفسير الشغار . فالأكثر لم ينسبوه لأحد ، ولهذا قال الشافعي : لا أدري التفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن ابن عمر أو عن نافع أو عن مالك . قال الخطيب في المدرج : هو من قول مالك بينه وفصله القعنبي وابن مهدي ومحرز بن عون عنه قلت : ومالك إنما تلقاه عن نافع بدليل رواية مسدد هذه .

قال القرطبي في المفهم : التفسير في حديث ابن عمر جاء من قول نافع ومن قول مالك ، وأما في حديث أبي هريرة فهو على الاحتمال والظاهر أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - . فإن كان من تفسير أبي هريرة فهو مقبول لأنه أعلم بما سمع وهو من أهل اللسان . قال الحافظ : وفي الطبراني من حديث أبي بن كعب مرفوعا لا شغار ، قالوا يا رسول الله وما الشغار ؟ قال نكاح المرأة بالمرأة لا صداق بينهما وإسناده ضعيف لكنه يستأنس به في هذا المقام . هذا كله تلخيص ما في التلخيص [ ص: 68 ] والفتح . وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه القرطبي هو عند مسلم بلفظ نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار " زاد ابن نمير : والشغار أن يقول الرجل للرجل : زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي . الحديث ( ينكح ابنة الرجل ) : أي يتزوج رجل بنت رجل ( وينكحه ) : بضم الياء من الإنكاح . والحديث ظاهره يدل على أن نكاح الشغار حرام باطل .

قال النووي : أجمع العلماء على أنه منهي عنه لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا ، فعند الشافعي يقتضي إبطاله ، وحكاه الخطابي عن أحمد وإسحاق وأبي عبيد . وقال مالك : يفسخ قبل الدخول وبعده ، وفي رواية عنه قبله لا بعده . وقال جماعة : يصح بمهر المثل ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وحكي عن عطاء والزهري والليث ، وهو رواية عن أحمد وإسحاق ، وبه قال أبو ثور وابن جرير وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام والإماء كالبنات في هذا انتهى .

قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية