صفحة جزء
باب في الاستئمار

2092 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر إلا بإذنها قالوا يا رسول الله وما إذنها قال أن تسكت
[ ص: 92 ] ( لا تنكح ) : بصيغة المجهول نفيا للمبالغة أو نهيا ( الثيب ) : أي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق وفي رواية البخاري وغيره وقع لفظ الأيم مكان الثيب قال الحافظ : ظاهر هذا الحديث أن الأيم هي الثيب لمقابلتها بالبكر ( حتى تستأمر ) : أصل الاستئمار طلب الأمر ، فالمعنى لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها . ويؤخذ من قوله تستأمر أنه لا يعقد إلا بعد أن تأمر بذلك ، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها بل فيه إشعار باشتراطه . قاله الحافظ . ( ولا البكر إلا بإذنها ) : أي ولا تنكح البكر إلا بإذنها . وفي رواية البخاري : لا تنكح البكر حتى تستأذن . قال الحافظ : عبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان ، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة ولهذا يحتاج إلى صريح إذنها في العقد ، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا ، والبكر بخلاف ذلك . والإذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول ، وإنما جعل السكوت إذنا في حق البكر لأنها قد تستحيي أن تفصح ( وما إذنها ) : وفي رواية البخاري : وكيف إذنها ( قال أن تسكت ) : أي إذنها سكوتها .

قال الخطابي في المعالم : ظاهر الحديث يدل على أن البكر إذا أنكحت قبل أن تستأذن فتصمت أن النكاح باطل كما يبطل إنكاح الثيب قبل أن تستأمر ، فتأذن بالقول . وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وهو قول أصحاب الرأي . وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق : إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم تستأذن ، ومعنى استئذانها إنما هو عندهم على استطابة النفس دون الوجوب كما جاء في الحديث باستئمار أمهاتهن وليس ذلك بشرط في صحة العقد انتهى .

قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية