صفحة جزء
2277 حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج أخبرني زياد عن هلال بن أسامة أن أبا ميمونة سلمى مولى من أهل المدينة رجل صدق قال بينما أنا جالس مع أبي هريرة جاءته امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه وقد طلقها زوجها فقالت يا أبا هريرة ورطنت له بالفارسية زوجي يريد أن يذهب بابني فقال أبو هريرة استهما عليه ورطن لها بذلك فجاء زوجها فقال من يحاقني في ولدي فقال أبو هريرة اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقالت يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه فقال زوجها من يحاقني في ولدي فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به
[ ص: 299 ] ( أن أبا ميمونة سلمى ) : قال في التقريب : أبو ميمونة الفارسي المدني الأبار قيل اسمه سليم أو سليمان أو سلمى وقيل أسامة ثقة من الثالثة ، ومنهم من فرق بين الفارسي والأبار وكل منهما مدني يروي عن أبي هريرة والله أعلم انتهى .

( فادعياه ) : أي فادعى كل منهما الابن ( رطنت له بالفارسية ) : في النهاية الرطانة بفتح الراء وكسرها والتراطن كلام لا يفهمه الجمهور وإنما هو مواضعة بين اثنين أو جماعة ، والعرب تخص بالرطانة غالب كلام العجم ، وفي الصحاح : رطنت له إذا كلمته بالعجمية ، فالمعنى تكلمت بالفارسية ( استهما عليه ) : أي على الابن ، والمعنى اقترعي أنت وأبوه ، ففيه تغليب الحاضر على الغائب ( ورطن ) : أبو هريرة ( لها ) : أي للمرأة ( من يحاقني ) : بالحاء المهملة والقاف المشددة أي من ينازعني ( إني لا أقول هذا ) : أي هذا القول أو هذا الحكم ( إلا أني ) : بفتح الهمزة أي لأني ( من بئر أبي عنبة ) : بعين مهملة مكسورة فنون مفتوحة فموحدة أظهرت حاجتها إلى الولد ، ولعل محمل الحديث بعد مدة الحضانة مع ظهور حاجة الأم إلى الولد واستغناء الأب عنه مع إرادته إصلاح الولد . قاله السندي ( استهما عليه ) : أي على الابن .

قال في النيل : فيه دليل على أن القرعة طريق شرعية عند تساوي الأمرين وأنه يجوز الرجوع إليها كما يجوز الرجوع إلى التخيير وقد قيل إنه يقدم التخيير عليها ، وليس في حديث أبي هريرة هذا ما يدل على ذلك بل ربما دل على عكسه لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهما أولا بالاستهام ثم لما لم يفعلا خير الولد وقد قيل إن التخيير أولى لاتفاق ألفاظ الأحاديث عليه [ ص: 300 ] وعمل الخلفاء الراشدين به انتهى .

( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي للولد ( فخذ بيد أيهما شئت ) : قال الخطابي في المعالم : هذا في الغلام الذي قد عقل واستغنى عن الحضانة ، وإذا كان كذلك خير بين والديه . وقد اختلف العلماء في ذلك فقال الشافعي إذا صار ابن سبع سنين أو ثماني سنين خير ، وبه قال إسحاق . وقال أحمد : يخير إذا كبر ، وقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري : الأم أحق بالغلام حتى يأكل وحده ويلبس وحده ، وبالجارية حتى تحيض ، ثم الأب أحق الوالدين . وقال مالك : الأم أحق بالجواري وإن حضن حتى ينكحن ، وأما الغلمان فهو أحق بهم حتى يحتلموا . قال الخطابي : يشبه أن يكون من ترك التخيير وصار إلى أن الأب أحق بالولد إذا استغنى عن الحضانة إنما ذهب إلى أن الأم إنما حظها الحضانة لأنها أرفق بذلك وأحسن تأتيا له ، فإذا جاوز الولد حد الحضانة فإنه يحتاج إلى الأدب والمعاش ، والأب أبصر بأسبابهما وأوفى له من الأم ، ولو ترك الصبي واختياره لمال إلى البطالة واللعب قال وإن صح الحديث فلا مذهب عنه انتهى .

قال المنذري . وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرا ومطولا وقال الترمذي : حديث حسن صحيح وذكر أن أبا ميمونة اسمه سليم وقال غيره اسمه سلمان ، ووقع في أصل سماعنا سلمى كما ذكرنا .

( زيد بن حارثة : أي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بابنة حمزة : أي ابن عبد المطلب وكان قد استشهد بأحد وهي يتيمة ( فقال جعفر : أي ابن أبي طالب يكنى عبد الله وكان أكبر من علي بعشر سنين ( وعندي خالتها : أي هي أسماء بنت عميس ( فذكر : [ ص: 301 ] أي علي رضي الله عنه ( قال : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وأما الجارية : أي ابنة حمزة ( وإنما الخالة أم : فيه دليل على أن الخالة في الحضانة بمنزلة الأم . وقد ثبت بالإجماع أن الأم أقدم الحواضن ، فمقتضى التشبيه أن تكون الخالة أقدم من غيرها من أمهات الأم وأقدم من الأب والعمات ، لكن فيه اختلاف العلماء ذكره صاحب النيل وقال : والأولى تقديم الخالة بعد الأم على سائر الحواضن ، لنص الحديث وفاء بحق التشبيه المذكور وإلا كان لغوا . قال : واستشكل كثير من الفقهاء وقوع القضاء منه صلى الله عليه وسلم لجعفر وقالوا : إن كان القضاء له فليس بمحرم لها وهو وعلي سواء في قرابتها ، وإن كان القضاء للخالة فهي مزوجة ، وتقدم أن زواج الأم مسقط لحقها من الحضانة فسقوط حق الخالة بالزواج أولى .

وأجيب عن ذلك بأن القضاء للخالة والزواج لا يسقط حقها من الحضانة مع رضا الزوج كما ذهب إليه أحمد والحسن البصري وابن حزم .

وقيل : إن النكاح إنما يسقط حضانة الأم وحدها حيث كان المنازع لها الأب ولا يسقط حق غيرها ولا حق الأم حيث كان المنازع لها غير الأب ، وبهذا يجمع بين حديث علي هذا وحديث أنت أحق به ما لم تنكحي ، وإليه ذهب ابن جريج . انتهى بتغير بعض الألفاظ .

قال المنذري : وأخرج الترمذي من حديث البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الخالة بمنزلة الأم وفي الحديث قصة طويلة . وقال : هذا حديث صحيح . هذا آخر كلامه .

وبنت حمزة هذه عمارة وقيل هي أمامة تكنى أم الفضل . وأخرجه البخاري من حديث البراء بن عازب في أثناء الحديث الطويل في قصة الحديبية .

التالي السابق


الخدمات العلمية