صفحة جزء
باب الاعتكاف

2462 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده
قال النووي : هو في اللغة الحبس والمكث واللزوم ، وفي الشرع المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة ويسمى الاعتكاف جوارا ، ومنه الأحاديث الصحيحة منها حديث عائشة رضي الله عنها في أوائل الاعتكاف في صحيح البخاري قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض وقد جاءت الأحاديث في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان والعشر الأول من شوال ، ففيها استحباب الاعتكاف وتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان .

وقد أجمع المسلمون على استحبابه وأنه ليس بواجب ، وعلى أنه متأكد في العشر الأواخر من رمضان .

ومذهب الشافعي وأصحابه وموافقيهم : أن الصوم ليس بشرط لصحة الاعتكاف ، بل يصح اعتكاف المفطر ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة ، وضابطه عند أصحابنا مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة ، ولنا وجه أنه يصح اعتكاف المار في المسجد من غير لبث والمشهور الأول .

فينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار صلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن ينوي الاعتكاف فيحسب له ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد ، فإذا [ ص: 109 ] خرج ثم دخل جدد نية أخرى وليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف ولو تكلم بكلام دنيا أو عمل صنعة من خياطة أو غيرها لم يبطل اعتكافه .

وقال مالك وأبو حنيفة والأكثرون : يشترط في الاعتكاف الصوم فلا يصح اعتكاف مفطر .

( كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ) : قال القسطلاني : وفيه دليل على أنه لم ينسخ وأنه من السنن المؤكدة خصوصا في العشر الأواخر من رمضان لطلب ليلة القدر ( ثم اعتكف أزواجه من بعده ) : فيه دليل على أن النساء كالرجال في الاعتكاف ، وقد كان عليه السلام أذن لبعضهن ، وأما إنكاره عليهن الاعتكاف بعد الإذن كما في الحديث الصحيح فلمعنى آخر ، فقيل : خوف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه ، أو ذهاب المقصود من الاعتكاف بكونهن معه في المعتكف ، أو لتضييقهن المسجد بأبنيتهم .

وعند أبي حنيفة إنما يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها وهو الموضع المهيأ في بيتها لصلاتها انتهى .

قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية