صفحة جزء
باب في سكنى الشام

2482 حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير
( هجرة بعد هجرة ) : قال الخطابي : معنى الهجرة الثانية الهجرة إلى الشام يرغبها في القيام بها وهي مهاجر إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وعلى آلهما وسلم ( مهاجر إبراهيم ) : بفتح الجيم وهو الشام ( تلفظهم ) : بكسر الفاء أي تقذفهم وترميهم ، يقال : قد لفظ [ ص: 129 ] الشيء لفظا إذا رماه ( أرضوهم ) : جمع أرض ( تقذرهم ) : بفتح الذال المعجمة أي تكرههم ( نفس الله ) : بسكون الفاء أي ذاته تعالى .

قال الخطابي : تأويله أن الله يكره خروجهم إليها ومقامهم بها فلا يوفقهم لذلك فصاروا بالرد وعدم القبول في معنى الشيء الذي تقذره نفس الإنسان ، وذكر النفس هاهنا مجاز واتساع في الكلام وهذا شبيه بمعنى قوله سبحانه وتعالى ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين انتهى .

قال في النهاية : يقال قذرت الشيء أقذره إذا كرهته واجتنبته انتهى ( وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ) : أي تجمعهم وتسوقهم النار فيفرون هؤلاء والشرار مخافة النار مع البهائم من القردة والخنازير والنار لا تفارقهم بحال .

وليس هذا حشر يوم القيامة وإلا قيل تحشر شرار أهلها إلى النار ولا يقال تحشرهم النار ، ولقوله في بعض الروايات تقيل معهم ، فإنه يدل على أن النار ليست حقيقة بل نار الفتنة ، وهذه القيلولة والبيتوتة هي المرادة في قوله ستكون هجرة بعد هجرة إلى قوله تحشرهم النار مع القردة تبيت معهم إذا باتوا انتهى كلام الطيبي ملخصا محررا والله أعلم .

قال المنذري : شهر بن حوشب تكلم فيه غير واحد وروى من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب بإسناد أمثل من هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية