صفحة جزء
باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك

3165 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر بن عبد الله قال كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم فجاء منادي النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم
[ ص: 344 ] ( عن نبيح ) : بمهملة مصغر هو ابن عبد الله العنزي مقبول من الثالثة . قاله في التقريب ( أن تدفنوا القتلى ) : جمع القتيل وهو المقتول أي الشهداء ( في مضاجعهم ) : أي مقاتلهم والمعنى لا تنقلوا الشهداء من مقتلهم بل ادفنوهم حيث قتلوا ، وكذا من مات في موضع لا ينقل إلى بلد آخر قاله بعض الأئمة ، والظاهر أن نهي النقل مختص بالشهداء ، لأنه نقل ابن أبي وقاص من قصره إلى المدينة بحضور جماعة من الصحابة ولم ينكروا ، والأظهر أن يحمل النهي على نقلهم بعد دفنهم لغير عذر ، ويؤيده لفظ " مضاجعهم " قاله القاري .

وقال العيني : وأما نقل الميت من موضع إلى موضع فكرهه جماعة وجوزه آخرون .

وقال المازري : ظاهر مذهبنا جواز نقل الميت من بلد إلى بلد ، وقد مات سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بالعقيق ودفنا بالمدينة انتهى أي كما أخرجه مالك في الموطأ .

وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء في خلافة علي قال شريك نقله ابنه الحسن إلى المدينة . وقال المبرد عن محمد بن حبيب : أول من حول من قبر إلى قبر علي رضي الله عنه .

وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز قال : " لما قتل علي بن أبي طالب حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى وفي هذه الآثار جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه ، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل .

وأما حديث جابر بن عبد الله ففيه إرجاع الشهيد إلى الموضع الذي أصيب فيه بعد نقله وليس في هذا أنهم كانوا قد دفنوا بالمدينة ثم أخرجوا من القبور ونقلوا ، فهذا النهي مختص بالشهداء وهذا هو الصواب والله أعلم . [ ص: 345 ] قال المنذري والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية