صفحة جزء
3422 حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره أن أعلفه ناضحك ورقيقك
( عن ابن محيصة ) : بفتح المهملة الأولى والثانية بينهما تحتانية ساكنة ، أو مكسورة مشددة ( في إجارة الحجام ) : أي في أجرته كما في رواية الموطأ ، أي في أخذها أو أكلها ( فنهاه عنها ) : قال النووي : هذا نهي تنزيه للارتفاع عن دنيء الاكتساب وللحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور ، ولو كان حراما لم يفرق فيه بين الحر والعبد ، فإنه لا يجوز للسيد أن يطعم عبده ما لا يحل ( فلم يزل يسأله ويستأذنه ) : أي في أن يرخص له في أكلها ، فإن أكثر الصحابة كانت لهم أرقاء كثيرون وأنهم كانوا يأكلون من خراجهم ويعدون ذلك من أطيب المكاسب ، فلما سمع محيصة نهيه ذلك وشق ذلك عليه لاحتياجه إلى أكل أجرة الحجامة تكرر في أن يرخص له ذلك . كذا في المرقاة ( اعلفه ) : أي أطعمه قال في القاموس : العلف كالضرب الشرب الكثير ، وإطعام الدابة كالإعلاف ( ناضحك ) : هو الجمل الذي [ ص: 229 ] يسقى به الماء ( ورقيقك ) : أي عبدك ، لأن هذين ليس لهما شرف ينافيه دناءة هذا الكسب بخلاف الحر .

والحديث دليل على أن أجرة الحجام حلال للعبد دون الحر . وإليه ذهب أحمد وجماعة فقالوا بالفرق بين الحر والعبد ، فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة وقالوا : يحرم عليه الإنفاق على نفسه منها ، ويجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب منها ، وأباحوها للعبد مطلقا ، وعمدتهم حديث محيصة هذا .

قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن . وقال ابن ماجه : حرام بن محيصة عن أبيه . هذا آخر كلامه ، وهو أبو سعيد ويقال أبو سعيد حرام بن سعد بن محيصة الأنصاري الحارثي المدني ، ويقال : حرام بن محيصة ينسب إلى الجد ، ويقال : حرام بن ساعدة وهو بالحاء والراء المهملتين انتهى كلام المنذري .

التالي السابق


الخدمات العلمية