صفحة جزء
3634 حدثنا مسدد وابن أبي خلف قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه فنكسوا فقال ما لي أراكم قد أعرضتم لألقينها بين أكتافكم قال أبو داود وهذا حديث ابن أبي خلف وهو أتم
( أن يغرز ) بكسر الراء أي : يضع ( فنكسوا ) أي : طأطئوا رءوسهم ، والمراد المخاطبون ، وهذا قاله أبو هريرة أيام إمارته على المدينة في زمن مروان ، فإنه كان يستخلفه فيها قاله في السبل ( فقال ) أي : أبو هريرة ( قد أعرضتم ) أي : عن هذه السنة أو هذه المقالة ( لألقينها ) أي : هذه المقالة ( بين أكتافكم ) بالتاء جمع كتف .

قال القسطلاني : أي : لأصرخن بالمقالة فيكم ولأوجعنكم بالتقريع بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته ، أو الضمير أي : في قوله بها للخشبة ، والمعنى إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلن الخشبة على رقابكم كارهين ، وقصد بذلك المبالغة قاله الخطابي . وقال الطيبي : هو كناية عن إلزامهم بالحجة القاطعة على ما [ ص: 51 ] ادعاه ، أي : لا أقول الخشبة ترمى على الجدار ، بل بين أكتافكم لما وصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبر والإحسان في حق الجار وحمل أثقاله ، انتهى . قال النووي : اختلفوا في معنى هذا الحديث هل هو على الندب إلى تمكين الجار ووضع الخشب على جدار داره أم على الإيجاب ، وفيه قولان للشافعي ولأصحاب مالك أصحهما الندب ، وبه قال أبو حنيفة ، والثاني الإيجاب وبه قال أحمد وأصحاب الحديث وهو الظاهر لقول أبي هريرة بعد روايته : " ما لي أراكم . . إلخ " انتهى .

قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية