صفحة جزء
باب الاستتار في الخلاء

35 حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى بن يونس عن ثور عن الحصين الحبراني عن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أكل فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبتلع من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج قال أبو داود رواه أبو عاصم عن ثور قال حصين الحميري ورواه عبد الملك بن الصباح عن ثور فقال أبو سعيد الخير قال أبو داود أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
باب الاستتار في الخلاء

فإن قلت : ما الفرق بين الباب المتقدم التخلي عند قضاء الحاجة وبين هذا الباب ؟ قلت : بينهما فرق بين ، لأن المقصود من الباب الأول التفرد عن الناس للحاجة وليس فيه ذكر الاستتار ، وهذا الباب إنما وضعه للاستتار عند الحاجة فحصل من البابين جميعا أن التفرد للخلاء سنة ، ومع هذا التفرد ينبغي الاستتار أيضا ليتأتى على وجه الكمال حفظ عورته .

[ ص: 49 ] ( الحبراني ) : بضم المهملة وسكون الموحدة منسوب إلى حبران بن عمرو وهو أبو قبيلة باليمن . كذا في القاموس والمغني .

وقال السيوطي في اللب اللباب : حبران بطن من حمير . انتهى

( من اكتحل فليوتر ) : أي من أراد الاكتحال فليوتر ، والوتر الفرد ، أي ثلاثا متوالية في كل عين ، وقيل ثلاثا في اليمنى واثنين في اليسرى ليكون المجموع وترا ، والتثليث علم من فعله صلى الله عليه وسلم ، كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ، ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه .

كذا في المرقاة شرح المشكاة ( من فعل فقد أحسن ) : أي فعل فعلا حسنا يثاب عليه لأنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه تخلق بأخلاق الله تعالى ، فإن الله وتر يحب الوتر ( ومن لا ) : أي لا يفعل الوتر ( فلا حرج ) : أي لا إثم عليه ( ومن استجمر فليوتر ) : الاستجمار الاستنجاء بالجمار وهي الحجارة الصغار ، أي فليجعل حجارة الاستنجاء وترا واحدا أو ثلاثا أو خمسا ( فلا حرج ) : إذ المقصود الإنقاء ( أكل ) : شيئا ( فما تخلل ) : ما شرطية والجزاء فليلفظ ، أي ما أخرجه من الأسنان بالخلال ( فليلفظ ) : بكسر الفاء : فليلق وليرم وليطرح ما يخرجه من الخلال من بين أسنانه لأنه ربما يخرج به دم ( وما لاك بلسانه ) : عطف على ما تخلل ، أي ما أخرجه بلسانه واللوك إدارة الشيء بلسانه في الفم ، يقال لاك يلوك ( فليبتلع ) : أي فليأكله وإن تيقن بالدم حرم أكله ( من فعل ) : أي رمى وطرح ما أخرجه من الأسنان بالخلال ( ومن لا ) : أي لم يلفظه بل أكله على تقدير عدم خروج الدم ( فلا حرج ) : في ذلك ( فليستتر ) : بشيء من الأشياء الساترة ( فإن لم يجد ) : شيئا ليستره ( كثيبا ) : الكثيب هو ما يرتفع من الرمل ( من رمل ) : بيان كثيب ( فليستدبره ) : أي فليجمعه وليوله دبره ( فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم ) : قال العراقي : المقاعد جمع مقعدة وهي تطلق على شيئين : أحدهما في السافلة ، أي أسفل البدن ، والثاني موضع القعود ، وكل من المعنيين هاهنا محتمل ، أي إن الشيطان يلعب بأسافل بني آدم أو في موضع قعودهم لقضاء الحاجة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتستر ما أمكن وأن لا يكون قعود الإنسان في مراح من أن يقع عليه أبصار الناظرين فيتعرض لانتهاك الستر ، وتهب الرياح [ ص: 50 ] عليه فيصيب البول فيلوث بدنه أو ثيابه ، وكل ذلك من لعب الشيطان به وقصده إياه بالأذى والفساد ( من فعل ) : أي جمع كثيبا وقعد خلفه ( فقد أحسن ) : بإتيان السنة ( ومن لا ) : بأن كان في الصحراء من غير ستر ( فلا حرج ) : ( قال حصين الحميري ) : أي قال أبو عاصم الحميري بدل الحبراني ( فقال ) : أي عبد الملك ( أبو سعيد الخير ) : بزيادة لفظ الخير على الرواية السابقة ( قال أبو داود : أبو سعيد الخير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) : غرض المؤلف من إيراد هذه الجملة أن في رواية إبراهيم بن موسى أبا سعيد بغير إضافة لفظ الخير فهو ليس بصحابي لأن أبا سعيد هذا بغير إضافة الخير لا يعد في الصحابة بل هو مجهول وإنما يعد في الصحابة أبو سعيد الخير .

قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه في إسناده أبو سعيد الخير الحمصي ، وهو الذي رواه عن أبي هريرة قال أبو زرعة الرازي لا أعرفه .

قلت : لقي أبا هريرة قال على هذا يوضع انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية