صفحة جزء
400 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبيدة بن حميد عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق عن كثير بن مدرك عن الأسود أن عبد الله بن مسعود قال كانت قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام
( في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام ) أي من الفيء ، والمراد أن يبلغ مجموع الظل الأصلي والزائد هذا المبلغ لا أن يصير الزائد هذا المبلغ ويعتبر الأصلي سوى ذلك . قال الخطابي : هذا أمر يختلف في الأقاليم والبلدان ولا يستوي في جميع المدن والأمصار ، وذلك أن العلة في طول الظل وقصره هو زيادة ارتفاع الشمس في السماء وانحطاطها ، فكلما كانت أعلى وإلى محاذاة الرءوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر ، وكلما كانت أخفض ومن محاذاة الرءوس أبعد كان الظل أطول ، ولذلك ظلال الشتاء تراها أبدا أطول من ظلال الصيف في كل مكان ، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة وهما من الإقليم الثاني ، ويذكرون أن الظل فيهما في أول الصيف في شهر آذار ثلاثة أقدام وشيء ، ويشبه أن تكون صلاته عليه السلام إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله ، فيكون الظل عند ذلك خمسة أقدام ، وأما الظل في الشتاء فإنهم يذكرون أنه في تشرين الأول خمسة أقدام أو خمسة أقدام وشيء وفي الكانون سبعة أقدام أو سبعة [ ص: 58 ] أقدام وشيء ، فقول ابن مسعود ينزل على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم والبلدان التي هي خارجة عن الإقليم الثاني . انتهى . قال السيوطي في مرقاة الصعود : قال ولي الدين هذه الأقدام هي قدم كل إنسان بقدر قامته . قلت : ضابط ما يعرف به زوال كل بلد أن يدق وتدا في حائط أو خشبة موازيا للقطب يمانيا أو شماليا فينظر لظله ، فمهما ساواه فذلك وسط النهار ، فإذا مال للمشرق ميلا تاما فذلك الزوال وأول وقت الظهر ، فكل الأقدام إذا بكل شهر وأحفظها لكل شهر بكل فصل وكل بلد فلم أر ضابطا أفضل من هذا . قال علي القاري في المرقاة : قال السبكي : اضطربوا في معنى الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي ، والذي عندي في معناه أنه كان يصليهما في الصيف بعد نصف الوقت ، وفي الشتاء أوله ومنه يؤخذ حد الإبراد . انتهى . والأظهر أنه لا حد للإبراد ، وإنما يختلف باختلاف البلاد ، ولعله أراد أن لا يتعدى في الإبراد عن نصف الوقت . والله تعالى أعلم . انتهى ، قال المنذري : والحديث أخرجه النسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية