صفحة جزء
باب في الأذان قبل دخول الوقت

532 حدثنا موسى بن إسمعيل وداود بن شبيب المعنى قالا حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد قد نام ألا إن العبد قد نام زاد موسى فرجع فنادى ألا إن العبد قد نام قال أبو داود وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة حدثنا أيوب بن منصور حدثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد أخبرنا نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر فذكر نحوه قال أبو داود وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره أن مؤذنا لعمر يقال له مسروح أو غيره قال أبو داود ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال كان لعمر مؤذن يقال له مسعود وذكر نحوه وهذا أصح من ذاك
[ ص: 177 ] باب في الأذان قبل دخول الوقت

( ألا ) كلمة تنبيه ( إن العبد نام ) قال الحافظ في الفتح : يعني أن غلبة النوم على عينيه منعته من تبيين الفجر انتهى . وقال الخطابي : هو يتأول على وجهين أحدهما أن يكون أراد به أنه غفل عن الوقت كما يقال : نام فلان عن حاجتي إذا غفل عنها ولم يقم بها ، والوجه الآخر أن يكون معناه ، قد عاد لنومه إذا كان عليه بقية من الليل ، يعلم الناس ذلك لئلا ينزعجوا من نومهم وسكونهم ويشبه أن يكون هذا فيما تقدم من أول زمان الهجرة فإن الثابت عن بلال أنه كان في آخر أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بليل ثم يؤذن بعده ابن أم مكتوم مع الفجر . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم . .

وممن ذهب إلى تقديم أذان الفجر قبل دخول وقته جابر ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ابن راهويه ، وكان أبو يوسف يقول بقول أبي حنيفة في أن ذلك لا يجوز ثم رجع فقال : لا بأس أن يؤذن للفجر خاصة قبل طلوع الفجر اتباعا للأثر ، وكان أبو حنيفة ومحمد لا يجيزان ذلك قياسا على سائر الصلوات ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وذهب بعض أصحاب الحديث إلى أن ذلك جائز إذا كان للمسجد مؤذنان كما كان لرسول الله عليه وآله وسلم ، فأما إذا لم يؤذن فيه إلا مؤذن واحد ، فإنه لا يجوز أن يفعله إلا بعد دخول الوقت ، فيحمل على هذا أنه لم يكن لمسجد رسول الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي نهى عنه بلالا إلا مؤذن واحد وهو بلال ثم أجازه حين أقام ابن أم مكتوم مؤذنا ، لأن الحديث في تأذين بلال قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر . انتهى . وقال الحافظ في الفتح : قد اختلف هل يشرع الأذان قبل الفجر أو لا ، وإذا شرع هل يكتفى به عن إعادة الأذان بعد الفجر أو لا ، وإلى مشروعيته مطلقا ذهب الجمهور ، وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد ، وإلى الاكتفاء مطلقا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم ، [ ص: 178 ] وخالف ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث . وقال به الغزالي في الإحياء . انتهى . قلت : وحديث ابن عمر وعائشة الذي أخرجه البخاري ولفظه إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم يدل على عدم الاكتفاء ، وإلى هذا مال البخاري ، كما يلوح من كلام الحافظ ( لم يروه ) هذا الحديث مرفوعا ( عن أيوب إلا حماد بن سلمة ) وحماد بن سلمة وهم في رفعه . قال الترمذي : في جامعه : حديث حماد بن سلمة غير محفوظ . قال علي ابن المديني حديث حماد بن سلمة عن أيوب غير محفوظ ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة . انتهى .

وقال الحافظ في الفتح : أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موصولا مرفوعا ورجاله ثقات حفاظ . لكن اتفق أئمة الحديث علي ابن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والذهلي وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والأثرم والدارقطني على أن حمادا أخطأ في رفعه ، وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه وأن حمادا تفرد برفعه انتهى . قاله في غاية المقصود .

( فذكر ) الراوي ( نحوه ) ولفظ الترمذي فأمره عمر أن يعيد الأذان لكن هذه الرواية منقطعة . قال الترمذي في جامعه : هذا لا يصح لأنه عن نافع عن عمر منقطع ( رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر ) مقصود المؤلف من هذا تقوية رواية عبد العزيز بن أبي رواد بأن عبيد الله بن عمر قد تابع عبد العزيز ، على أن الآمر في هذه الواقعة هو عمر بن الخطاب لمؤذنه دون النبي صلى الله عليه وسلم لبلال ، وأن اسم المؤذن مسروح كما في رواية عبد العزيز . قاله في غاية المقصود ( رواه الدراوردي ) وهذه متابعة لرواية حماد بن زيد ، فإن عبد العزيز الدراوردي وحماد بن زيد كلاهما يرويانه عن عبيد الله وجعلا هذه الواقعة [ ص: 179 ] لمؤذن عمر ، إلا أن الدراوردي زاد واسطة عبد الله بن عمر وسمى اسم المؤذن مسعودا . قاله في غاية المقصود ( وهذا ) أي حديث نافع عن مؤذن لعمر الذي رواه عبد العزيز بن أبي رواد وعبيد الله بن عمر عن نافع ( أصح من ذاك ) أي من حديث أيوب عن نافع ، فإن حماد بن سلمة وهم في روايته عن أيوب ، وقد اتفق الحفاظ المهرة على خطأ حماد بن سلمة في هذه الرواية كما عرفت ، وهذا المعنى هو الصحيح والصواب . قال الترمذي في جامعه : حديث حماد بن سلمة غير محفوظ . والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وروى عبد العزيز بن أبي رواد بسنده فأمره عمر أن يعيد الأذان ، ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث ولو كان حديث حماد صحيحا لم يكن لحديث عبيد الله بن عمر وغير واحد عن نافع عن ابن عمرو الزهري عن سالم عن ابن عمر معنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بلالا يؤذن بليل " فإنما أمرهم فيما يستقبل فقال " إن بلالا يؤذن بليل " ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر لم يقل إن بلالا يؤذن بليل انتهى .

ويحتمل أن يكون مراد المؤلف وهذا أي حديث عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أصح . لأجل اتصال سنده من ذاك أي من حديث عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع لأنه منقطع وأن نافعا لم يدرك عمر ولم يشاهد الواقعة والله أعلم . قال الترمذي : قد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل فقال بعض أهل العلم إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد ، وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق . وقال بعض أهل العلم إذا أذن بالليل أعاد وبه يقول سفيان الثوري انتهى . قاله في غاية المقصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية