صفحة جزء
الأمر بتحسين الكفن

1895 أخبرنا عبد الرحمن بن خالد الرقي القطان ويوسف بن سعيد واللفظ له قال أنبأنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر رجلا من أصحابه مات فقبر ليلا وكفن في كفن غير طائل فزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبر إنسان ليلا إلا أن يضطر إلى ذلك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه
1895 [ ص: 33 ] ( إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه ) قال النووي في شرح المهذب : هو بفتح الفاء , كذا ضبطه الجمهور , وحكى القاضي عياض عن بعض الرواة إسكان الفاء أي : فعل التكفين من الإسباغ والعموم , والأول هو الصحيح ، أي : يكون الكفن حسنا قال أصحابنا : والمراد بتحسينه بياضه , ونظافته وسبوغه وكثافته [ ص: 34 ] لا كونه ثمينا لحديث النهي عن المغالاة , وفي كامل ابن عدي من حديث أبي هريرة مثله , وفي شعب الإيمان للبيهقي عن أبي قتادة قال : قال رسول -صلى الله عليه وسلم- : إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه , فإنهم يتزاورون في قبورهم , وفي الضعفاء للعقيلي من حديث أنس مرفوعا : إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه , فإنهم يتزاورون في أكفانهم ، قال البيهقي : بعد تخريج حديث أبي قتادة , وهذا لا يخالف قول أبي بكر الصديق في الكفن : إنما هو للمهلة يعني الصديد ؛ لأن ذلك في رؤيتنا , ويكون كما شاء الله في علم الله , كما قال في الشهداء : أحياء عند ربهم يرزقون وهم كما تراهم يتشحطون في الدماء , ثم يتفتتون , وإنما يكونون كذلك في رؤيتنا , ويكونون في الغيب كما أخبر الله تعالى عنهم , ولو كانوا في رؤيتنا كما أخبر الله تعالى عنهم لارتفع الإيمان بالغيب ، قلت : لكن يحتاج إلى الجمع بين هذا , وبين ما أخرجه أبو داود عن علي بن أبي طالب قال : لا تغالوا في كفني , فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : لا تغالوا في الكفن , فإنه يسلبه سلبا سريعا , وأخرج ابن أبي الدنيا عن يحيى بن راشد أن عمر بن الخطاب قال في وصيته : اقصدوا في كفني , فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه , وإن كان علي غير ذلك سلبني وأسرع , وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد عن عبادة بن نسي قال : لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة : اغسلي ثوبي هذين , وكفنيني بهما , فإنما أبوك أحد رجلين : إما مكسو أحسن الكسوة , أو مسلوب أسوأ السلب , وأخرج ابن سعد , وابن أبي شيبة , وسعيد بن منصور , وابن أبي الدنيا , والحاكم , والبيهقي من طرق عن حذيفة أنه قال عند موته : اشتروا لي ثوبين [ ص: 35 ] أبيضين , ولا عليكم أن لا تغالوا , فإنهما لم يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما , أو شرا منهما , وقد يجمع باختلاف أحوال الأموات , فمنهم من يعجل له الكسوة لعلو مقامه كأبي بكر وعمر وعلي وحذيفة , ومن جرى مجراهم من الأعلين , ومنهم من لم يبلغ هذا المقام , وهو من المسلمين , فيستمر في أكفانه ويتزاورون فيها , كما يقع ذلك في الموقف أنه يعجل الكسوة لأقوام ويؤخر آخرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية