صفحة جزء
الشهيد

2053 أخبرنا إبراهيم بن الحسن قال حدثنا حجاج عن ليث بن سعد عن معاوية بن صالح أن صفوان بن عمرو حدثه عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة
2053 ( أخبرني إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج عن ليث بن سعد عن معاوية بن صالح أن صفوان بن عمرو حدثه عن راشد بن سعد , عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم , إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ) قال القرطبي في التذكرة : معناه أنه لو كان في هؤلاء المقتولين نفاق كان [ ص: 100 ] إذا التقى الزحفان وبرقت السيوف فر ؛ لأن من شأن المنافق الفرار والروغان عند ذلك , ومن شأن المؤمن البذل , والتسليم لله نفسا , وهيجان حمية الله عز وجل , والتعصب له لإعلاء كلمته , فهذا قد أظهر صدق ما في ضميره حيث برز للحرب والقتل , فلماذا يعاد عليه السؤال في القبر ؟ قاله الترمذي الحكيم قال القرطبي : وإذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل خطرا , أو أعظم أجرا , فهو أحرى أن لا يفتن ؛ لأنه المقدم ذكره في التنزيل على الشهداء في قوله تعالى فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين قال : وقد جاء في المرابط الذي هو أقل مرتبة من الشهداء أن لا يفتن فكيف بمن هو أعلى مرتبة منه , ومن الشهيد ؟ قلت : قد صرح الحكيم الترمذي بأن الصديقين لا يسألون , وعبارته ثم قال تعالى : ويفعل الله ما يشاء وتأويله عندنا -والله أعلم- أن من مشيئته أن يرفع مرتبة أقوام من السؤال , وهم الصديقون , والشهداء , وما نقله القرطبي عن الحكيم في توجيه حديث الشهيد يقتضي اختصاص ذلك بشهيد المعركة , لكن قضية أحاديث الرباط التعميم في كل شهيد , وقد جزم الحافظ ابن حجر في كتاب بذل الماعون في فضل الطاعون بأن الميت بالطاعون لا يسأل ؛ لأنه نظير المقتول في المعركة , وبأن الصابر بالطاعون محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إذا مات فيه بغير الطعن لا يفتن أيضا ؛ لأنه نظير المرابط , وقد قال الحكيم في توجيه حديث المرابط : إنه قد ربط نفسه , وسجنها , وصيرها جيشا لله في سبيل الله لمحاربة [ ص: 101 ] أعدائه , فإذا مات على هذا , فقد ظهر صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية