صفحة جزء
كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة

2435 أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن المعافى عن زكريا بن إسحق المكي قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن صيفى عن أبي معبد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن إنك تأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله عز وجل فرض عليهم خمس صلوات في يوم وليلة فإن هم يعني أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله عز وجل فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوك بذلك فاتق دعوة المظلوم
2435 ( عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن ) كان بعثه إليها في ربيع الأول وقبل حجه صلى الله عليه وسلم ، وقيل : في آخر سنة تسع عند منصرفه من تبوك ، وقيل : عام الفتح سنة ثمان ، واختلف : هل بعثه واليا أو قاضيا؟ فجزم الغساني بالأول ، وابن [ ص: 3 ] عبد البر بالثاني ، واتفقوا على أنه لم يزل عليها إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها رضي الله عنه ( إنك تأتي قوما أهل كتاب ) كان أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد وهو تبع الأصغر ، حكاه ابن إسحاق في أوائل السيرة ( فإذا جئتهم إلخ ) لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج مع أن بعث معاذ كان في أواخر الأمر ، وأجاب ابن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة ، وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث لاحتمال الزيادة والنقصان ، وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشرع بالصلاة والزكاة أكثر ، وبأنهما إذا وجبا على المكلف لا يسقطان عنه أصلا ، بخلاف الصوم فإنه قد يسقط بالفدية ، والحج فإن الغير قد يقوم مقامه كما في المحصور , ويحتمل أنه حينئذ لم يكن شرع . وقال الشيخ سراج الدين البلقيني : إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منها بشيء كحديث ابن عمر : بني الإسلام على خمس فإذا كان في الدعاء إلى الإسلام اكتفى بالأركان الثلاثة : الشهادة ، والصلاة ، والزكاة ، ولو كان بعد وجوب فرض الصوم والحج كقوله تعالى : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة في موضعين من " براءة " مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعا ، وحديث ابن عمر أيضا : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة وغير ذلك من الأحاديث . قال : والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة : اعتقادي وهو الشهادة ، وبدني وهو الصلاة ، ومالي وهو الزكاة ، فاقتصر في الدعاء إلى الإسلام عليها ليفرع الركنين الآخرين عليها ، فإن الصوم بدني محض ، والحج بدني ومالي ، وأيضا فكلمة الإسلام هي الأصل ، وهي شاقة على الكفار ، والصلاة شاقة لتكررها ، والزكاة شاقة لما في جبلة الإنسان من حب المال ، فإذا دعي المرء [ ص: 4 ] لهذه الثلاث كان ما سواها أسهل عليه بالنسبة إليها ( فاتق دعوة المظلوم ) أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم . زاد في الرواية الآتية : فإنها ليس بينها وبين الله حجاب أي : ليس لها صارف يصرفها ، ولا مانع يمنعها ، والمراد : أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا : دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده صحيح . قال ابن العربي : هذا الحديث وإن كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث [ ص: 5 ] مراتب : إما أن يعجل له ما طلب ، وإما أن يدخر له أفضل منه ، وإما أن يدفع عنه من السوء مثله ، وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى : أمن يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى : فيكشف ما تدعون إليه إن شاء

التالي السابق


الخدمات العلمية