صفحة جزء
فضل الصدقة

2541 أخبرنا أبو داود قال حدثنا يحيى بن حماد قال أنبأنا أبو عوانة عن فراس عن عامر عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده فقلن أيتنا بك أسرع لحوقا فقال أطولكن يدا فأخذن قصبة فجعلن يذرعنها فكانت سودة أسرعهن به لحوقا فكانت أطولهن يدا فكان ذلك من كثرة الصدقة
2541 ( عن فراس ) بكسر الفاء وراء خفيفة وسين مهملة ( عن عائشة أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعن [ ص: 67 ] عنده ) زاد ابن حبان : لم يغادر منهن واحدة ( فقلن ) في رواية ابن حبان : فقلت بالمثناة وهو يفيد أن عائشة هي السائلة ( أيتنا بك أسرع ) في رواية البخاري : أينا بلا تاء وهو الأفصح ، قال صاحب الكشاف : وشبه سيبويه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم : كلهن قال الكرماني : أي ليست بفصيحة ( لحوقا ) نصب على التمييز ( فقال : أطولكن ) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : أسرعكن لحوقا بي ، قال الكرماني : فإن قلت : القياس أن يقال : طولاكن بلفظ الفعلى ، قلت : جاز في مثله الإفراد والمطابقة لمن أفعل التفضيل له ( يدا ) نصب على التمييز ( فأخذن قصبة فجعلن يذرعنها ) أي يقدرن بذراع كل واحدة منهن ، وفي رواية البخاري : فأخذوا قصبة يذرعونها بضمير جمع الذكور ، وهو من تصرف الرواة ، والصواب ما هنا ( فكانت سودة أسرعهن به لحوقا فكانت أطولهن يدا ) كذا وقع أيضا في رواية أحمد ، وابن سعد ، والبخاري في التاريخ الصغير ، والبيهقي في الدلائل ، قال ابن سعد : قال لنا محمد بن عمر - يعني الواقدي هذا الحديث وهل في سودة , وإنما هو في زينب بنت جحش ، فهي أول نسائه لحوقا ، وتوفيت في خلافة عمر ، وبقيت سودة إلى أن توفيت في خلافة معاوية في شوال سنة أربع وخمسين ، وقال الحافظ أبو علي الصيرفي : ظاهر هذا أن سودة كانت أسرع ، وهو خلاف المعروف عند أهل العلم أن زينب أول من مات من الأزواج ، ثم نقله عن مالك والواقدي ، وقال ابن الجوزي : هذا الحديث غلط من بعض الرواة ، ولم يعلم بفساده الخطابي ، فإنه فسره وقال : لحوق سودة به من أعلام النبوة ، وكل ذلك وهم , وإنما [ ص: 68 ] هي زينب كما في رواية مسلم ، وقال النووي : أجمع أهل السير أن زينب أول من مات من أزواجه . وسبقه إلى نقل الاتفاق ابن بطال ، قال الحافظ ابن حجر : يعكر عليه ما رواه البخاري في تاريخه بإسناد صحيح عن سعيد بن أبي هلال قال : ماتت سودة في خلافة عمر . وجزم الذهبي في التاريخ الكبير بأنها ماتت في آخر خلافة عمر ، وقال ابن سيد الناس : إنه المشهور ، وقال ابن حجر : لكن الروايات كلها متظافرة على أن القصة لزينب ، وتفسيره بسودة غلط من بعض الرواة ، قال : وعندي أنه من أبي عوانة فقد خالفه في ذلك ابن عيينة عن فراس ، قال ابن رشد : والدليل على ذلك أن سودة كان لها الطول الحقيقي ، ومحط الحديث على الطول المجازي وهو كثرة الصدقة ، وذلك لزينب بلا شك ، لأنها رضي الله عنها كانت قصيرة ، وكانت وفاتها سنة عشرين ، قلت : وعندي أنه وقع في رواية المصنف تقديم وتأخير ، وسقط لفظة " زينب " ، وأن أصل الكلام : فأخذن قصبة فجعلن يذرعنها ، فكانت سودة أطولهن يدا ، أي حقيقة ، وكانت أسرعهن به لحوقا زينب ، وكان ذلك من كثرة الصدقة ، فأسقط الراوي لفظة " زينب " ، وقدم الجملة الثانية على الجملة الأولى ، قال القرطبي : معناه : فهمنا ابتداء ظاهره ، فلما ماتت زينب علمنا أنه لم يرد باليد العضو وبالطول طولها ، بل أراد العطاء وكثرته ، فاليد هنا استعارة للصدقة , والطول ترشيح لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية