صفحة جزء
الاستعاذة من شر ما صنع وذكر الاختلاف على عبد الله بن بريدة فيه

5522 أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا يزيد وهو ابن زريع قال حدثنا حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن بشير بن كعب عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بذنبي وأبوء لك بنعمتك علي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فإن قالها حين يصبح موقنا بها فمات دخل الجنة وإن قالها حين يمسي موقنا بها دخل الجنة خالفه الوليد بن ثعلبة
5522 [ ص: 279 ] ( عن بشير بن كعب ) بضم الموحدة وفتح المعجمة ( إن سيد الاستغفار ) في رواية : " أفضل الاستغفار " أي : الأكثر ثوابا للمستغفر به من المستغفر بغيره ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ) قال الخطابي : أي : أنا على ما عاهدتك عليه ووعدتك من الإيمان وإخلاص الطاعة لك ، ويحتمل أن يكون معناه : أني مقيم على ما عاهدت إلي من أمرك ، وأنك منجز وعدك في المثوبة بالأجر ، واشتراطه الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه تعالى ( أبوء لك بذنبي ) قال الخطابي : يريد الاعتراف [ ص: 280 ] به ، ويقال : باء فلان بذنبه إذا احتمله كرها لا يستطيع دفعه عن نفسه ( فإن قالها حين يصبح موقنا بها فمات دخل الجنة ) قال الكرماني : فإن قلت : المؤمن - وإن لم يقلها - يدخل الجنة . قلت : المراد أنه يدخلها ابتداء من غير دخول النار ؛ ولأن الغالب أن المؤمن بحقيقتها ، المؤمن بمضمونها لا يعصي الله تعالى ، أو لأن الله تعالى يعفو عنه ببركة هذا الاستغفار ، فإن قلت : فما الحكمة في كونه أفضل الاستغفارات؟ قلت : هذا وأمثاله من التعبديات ، والله أعلم بذلك ، لكن لا شك أن فيه ذكر الله بأكمل الأوصاف ، وذكر نفسه بأنقص الحالات ، وهو أقصى غاية التضرع ، ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو ، أما الأول فلما فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده ، الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال ، والاعتراف بالصفات السبعة التي هي الصفات الوجودية المسماة بصفات الإكرام ، وهي القدرة اللازمة من الخلق ، الملزومة للإرادة والعلم والحياة ، والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر اللازمان من المغفرة ؛ إذ المغفرة للمسموع وللمبصر لا يتصور إلا بعد السماع والإبصار . وأما الثاني فلما فيه أيضا من [ ص: 281 ] الاعتراف بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها وهو الشكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية