صفحة جزء
فضل التأذين

670 أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل المرء إن يدري كم صلى
670 ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان ، وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ) قال عياض : يمكن حمله على ظاهره ؛ لأنه جسم متغذ يصح منه خروج الريح ، ويحتمل أنه عبارة عن شدة نفاره ( فإذا قضي النداء ) بالبناء [ ص: 22 ] للمفعول ، ويروى بالبناء للفاعل على إضمار المنادى ( أقبل ) زاد في رواية مسلم فوسوس ( حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر ) بضم المثلثة وتشديد الواو المكسور ، قيل : هو من ثاب إذا رجع ، وقيل : من ثوب إذا أشار بثوبه عند الفزع لإعلام غيره ، والمراد بالتثويب هنا الإقامة عند الجمهور ( حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ) قال القاضي عياض : سمعناه من أكثر الرواة بضم الطاء ، وضبطناه عن المتقنين بالكسر ، وهو الوجه ، ومعناه يوسوس ، وأما الضم فمن المرور ، أي يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله ( لما لم يكن يذكر ) زاد مسلم من قبل ( إن يدري ) بالكسر نافية بمعنى لا ، وروي بالفتح ، ووهاه القرطبي ، فإن قيل : ما الحكمة في هرب الشيطان عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة؟ أجيب بأوجه منها : أنه يهرب حتى لا يسمع المؤذن فيشهد له يوم القيامة ، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له ، وقيل : لاتفاق الجميع على الإعلان بشهادة الحق ، وقال ابن الجوزي : على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها ؛ لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به ، بخلاف الصلاة ، فإن النفس تحضر فيها فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة ، وقال ابن بطال : يشبه أن يكون الزجر عن خروج المؤمن من المسجد بعد أن يؤذن المؤذن من هذا المعنى لئلا يكون متشبها بالشيطان [ ص: 23 ] الذي يفر عند سماع الأذان

التالي السابق


الخدمات العلمية