صفحة جزء
[ شأن الزبير بن باطا ]

قال ابن إسحاق : وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس ، كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ، أتى الزبير بن باطا القرظي ، وكان يكنى أبا عبد الرحمن - وكان الزبير قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية . ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان من عليه يوم بعاث ، أخذه فجز ناصيته ، ثم خلى سبيله - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل تعرفني ؟ قال : وهل يجهل مثلي مثلك ؛ قال : إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي ؛ قال : إن الكريم يجزي الكريم .

ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إنه قد كانت للزبير علي منة ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو لك ؛ فأتاه فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك ، فهو لك ، قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فما يصنع بالحياة ؟ قال : فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هب لي امرأته وولده ، قال : هم لك . قال : فأتاه فقال : قد وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك وولدك ، فهم لك ؛ قال : أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ؟ فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ماله ، قال : هو لك . فأتاه ثابت فقال : قد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك ، فهو لك [ ص: 243 ] قال : أي ثابت ، ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي ، كعب بن أسد ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا فررنا ، عزال بن سموأل ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة ؛ قال : ذهبوا قتلوا ؟ قال : فأني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم ، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة . فقدمه ثابت ، فضرب عنقه . فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة . قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا . قال ابن هشام : قبلة دلو ناضح .

( و ) قال زهير بن أبي سلمى في قبلة :


وقابل يتغنى كلما قدرت على العراقى يداه قائما دفقاه



وهذا البيت في قصيدة له . قال ابن هشام : ويروى : وقابل يتلقى ، يعني قابل الدلو يتناول .

التالي السابق


الخدمات العلمية