صفحة جزء
[ وصول النبي إلى ذي طوى ]

قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح ، حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل .

[ إسلام أبي قحافة ]

قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن جدته أسماء بنت أبي بكر ، قالت : لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة من أصغر ولده : أي بنية ، اظهري بي على أبي قبيس ، قالت : وقد كف بصره قالت : فأشرفت به عليه ، فقال : أي بنية ، ماذا ترين ؟ قالت : أرى سوادا مجتمعا ، قال : تلك الخيل ، قالت : وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك مقبلا ومدبرا ، قال : أي بنية ، ذلك الوازع ، يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ، ثم قالت : قد والله انتشر السواد ، قالت : فقال : قد والله إذن دفعت الخيل ، فأسرعي بي إلى بيتي ، فانحطت به ، وتلقاه الخيل [ ص: 406 ] قبل أن يصل إلى بيته . قالت : وفي عنق الجارية طوق من ورق فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها . قالت : فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ قال أبو بكر ، يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت ، قال : ( قالت ) : فأجلسه بين يديه ، ثم مسح صدره ، ثم قال له : أسلم ، فأسلم قالت : فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيروا هذا من شعره ، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته ، وقال : أنشد الله والإسلام طوق أختي ، فلم يجبه أحد قالت : فقال : أي أخية ، احتسبي طوقك فوالله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية