صفحة جزء
[ شعر شداد في المسير إلى الطائف ]

قال ابن إسحاق : وقال شداد بن عارض الجشمي في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف : [ ص: 482 ]


لا تنصروا اللات إن الله مهلكها وكيف ينصر من هو ليس ينتصر     إن التي حرقت بالسد فاشتعلت
ولم يقاتل ، لدى أحجارها هدر     إن الرسول متى ينزل بلادكم
يظعن وليس بها من أهلها بشر



[ الطريق إلى الطائف ]

قال ابن إسحاق : فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نخلة اليمانية ، ثم على قرن ، ثم على المليح ، ثم على بحرة الرغاء من لية ، فابتنى بها مسجدا فصلى فيه .

قال ابن إسحاق : فحدثني عمرو بن شعيب : أنه أقاد يومئذ ببحرة الرغاء ، حين نزلها بدم ، وهو أول دم أقيد به في الإسلام ، رجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل ، فقتله به ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بلية ، بحصن مالك بن عوف فهدم ، ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة ، فلما توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن اسمها فقال : ما اسم هذه الطريق ؟ فقيل له الضيقة ، فقال : بل هي اليسرى ، ثم خرج منها على نخب ، حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة ، قريبا من مال رجل من ثقيف فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : إما أن تخرج ، وإما أن نخرب عليك حائطك ، فأبى أن يخرج ، فأمر رسول الله بإخرابه .

ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريبا من الطائف ، فضرب به عسكره ، فقتل به ناس من أصحابه بالنبل ، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف ، فكانت النبل تنالهم ، ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم ، أغلقوه دونهم ؛ فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم ، فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة .

قال ابن هشام : ويقال سبع عشرة ليلة . قال ابن إسحاق : ومعه امرأتان من نسائه ، إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية ، [ ص: 483 ] فضرب لهما قبتين ، ثم صلى بين القبتين . ثم أقام ، فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك مسجدا ، وكانت في ذلك المسجد سارية ، فيما يزعمون ، لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاتلهم قتالا شديدا ، وتراموا بالنبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية