صفحة جزء
[ اليوم الذي قبض الله فيه نبيه ]

قال ابن إسحاق وقال الزهري : حدثني أنس بن مالك : أنه لما كان يوم [ ص: 653 ] الاثنين الذي قبض الله فيه رسوله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى الناس ، وهم يصلون الصبح ، فرفع الستر ، وفتح الباب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام على باب عائشة ، فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فرحا به ، وتفرجوا ، فأشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم ؛ قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا لما رأى من هيئتهم في صلاتهم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن هيئة منه تلك الساعة ، قال : ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه ، فرجع أبو بكر إلى أهله بالسنح .

قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن القاسم بن محمد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين سمع تكبير عمر في الصلاة : أين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون . فلولا مقالة قالها عمر عند وفاته ، لم يشك المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا بكر ، ولكنه قال عند وفاته : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني ، وإن أتركهم فقد تركهم من هو خير مني .

فعرف الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا ، وكان عمر غير متهم على أبي بكر .

قال ابن إسحاق : وحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مليكة ، قال : لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه إلى الصبح ، وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرج الناس ، فعرف أبو بكر أن الناس لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكص عن مصلاه ، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظهره ، وقال : صل بالناس ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ، فصلى قاعدا عن يمين أبي بكر ، فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس ، فكلمهم رافعا صوته ، حتى خرج صوته من باب المسجد ، يقول : أيها الناس ، سعرت النار ، وأقبلت الفتن كقطع الليل [ ص: 654 ] المظلم ، وإني والله ما تمسكون علي بشيء ، إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ، ولم أحرم إلا ما حرم القرآن

قال : فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه ، قال له أبو بكر : يا نبي الله إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما نحب ، واليوم يوم بنت خارجة ، أفآتيها ؟ قال : نعم ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح

التالي السابق


الخدمات العلمية