صفحة جزء
[ بحث لغوي لابن هشام في معنى التحنث ]

قال ابن هشام : تقول العرب : التحنث والتحنف ، يريدون الحنفية فيبدلون الفاء من الثاء ، كما قالوا : جدث ، وجدف ، يريدون القبر .

قال رؤبة بن العجاج :

:

[ ص: 236 ]

لو كان أحجاري مع الأجداف

يريد : الأجداث . وهذا البيت في أرجوزة له . وبيت أبي طالب في قصيدة له ، سأذكرها إن شاء الله في موضعها .

قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة أن العرب تقول : فم ، في موضع ثم ، يبدلون الفاء من الثاء .

قال ابن إسحاق : وحدثني وهب بن كيسان قال : قال عبيد : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة ، يطعم من جاءه من المساكين ، فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك ، كان أول ما يبدأ به ، إذا انصرف من جواره ، الكعبة ، قبل أن يدخل بيته ، فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك ، ثم يرجع إلى بيته ، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته ، من السنة التي بعث الله تعالى فيها ؛ وذلك الشهر ( شهر ) رمضان ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء ، كما كان يخرج لجواره ومعه أهله ، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ، ورحم العباد بها ، جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فجاءني جبريل ، وأنا نائم ، بنمط من ديباج فيه كتاب ، فقال اقرأ ؛ قال : قلت : ما أقرأ ؟ قال : فغتني به حتى ظننت أنه الموت ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ؛ قال : قلت : ما أقرأ ؟ قال : فغتني به حتى ظننت أنه الموت ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ؛ قال : قلت : ماذا أقرأ ؟ قال : فغتني به حتى ظننت أنه [ ص: 237 ] الموت ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ؛ قال : فقلت : ماذا أقرأ ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم قال : فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي ، فكأنما كتبت في قلبي كتابا . قال : فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد ، أنت رسول الله وأنا جبريل ؛ قال : فرفعت رأسي إلى السماء أنظر ، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد ، أنت رسول الله وأنا جبريل . قال : فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر ، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ، قال : فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك ، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي ، فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ؛ ثم انصرف عني

التالي السابق


الخدمات العلمية