صفحة جزء
فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل ، حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى ، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - انظروا ، إن خفي عليكم في القتلى ، إلى أثر جرح في ركبته ، فإني ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ، ونحن غلامان ، وكنت أشف منه بيسير ، فدفعته فوقع على ركبتيه ، فجحش في إحداهما جحشا لم يزل أثره به . قال عبد الله بن مسعود : فوجدته بآخر رمق فعرفته ، فوضعت رجلي على عنقه - قال : وقد كان ضبث بي مرة بمكة ، فآذاني ولكزني ، ثم قلت له : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني ، أعمد [ ص: 636 ] من رجل قتلتموه ، أخبرني لمن الدائرة اليوم ؟ قال : قلت : لله ولرسوله .

قال ابن هشام : ضبث : قبض عليه ولزمه . قال ضابئ بن الحارث البرجمي :


فأصبحت مما كان بيني وبينكم من الود مثل الضابث الماء باليد

قال ابن هشام : ويقال : أعار على رجل قتلتموه ، أخبرني لمن الدائرة اليوم ؟ قال ابن إسحاق : وزعم رجال من بني مخزوم ، أن ابن مسعود كان يقول : قال لي : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم قال : ثم احترزت رأسه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، هذا رأس عدو الله أبي جهل ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آلله الذي لا إله غيره - قال : وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : قلت نعم ، والله الذي لا إله غيره ، ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله .

قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم بالمغازي : أن عمر بن الخطاب قال لسعيد بن العاص ، ومر به : إني أراك كأن في نفسك شيئا ، أراك تظن أني قتلت أباك ، إني لو قتلته لم أعتذر إليك من قتله ، ولكني قتلت [ ص: 637 ] خالي العاص بن هشام بن المغيرة ، فأما أبوك فإني مررت ( به ) وهو يبحث بحث الثور بروقه فحدت عنه ، وقصد له ابن عمه علي فقتله .

التالي السابق


الخدمات العلمية