صفحة جزء
[ شعر حسان فيمن ألقوا في القليب ]

قال ابن إسحاق : وقال حسان بن ثابت :

:


عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب      [ ص: 640 ] تداولها الرياح وكل جون
من الوسمي منهمر سكوب     فأمسى رسمها خلقا وأمست
يبابا بعد ساكنها الحبيب     فدع عنك التذكر كل يوم
ورد حرارة الصدر الكئيب     وخبر بالذي لا عيب فيه
بصدق غير إخبار الكذوب     بما صنع المليك غداة بدر
لنا في المشركين من النصيب     غداة كأن جمعهم حراء
بدت أركانه جنح الغروب     فلاقيناهم منا بجمع
كأسد الغاب مردان وشيب     أمام محمد قد وازروه
على الأعداء في لفح الحروب     بأيديهم صوارم مرهفات
وكل مجرب خاظي الكعوب     بنو الأوس الغطارف وازرتها
بنو النجار في الدين الصليب     فغادرنا أبا جهل صريعا
وعتبة قد تركنا بالجبوب     وشيبة قد تركنا في رجال
ذوي حسب إذا نسبوا حسيب     يناديهم رسول الله لما
قذفناهم كباكب في القليب     ألم تجدوا كلامي كان حقا
وأمر الله يأخذ بالقلوب ؟     فما نطقوا ، ولو نطقوا لقالوا
صدقت وكنت ذا رأي مصيب

قال ابن إسحاق : ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوا في القليب ، أخذ عتبة بن ربيعة ، فسحب إلى القليب ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - في وجه أبي حذيفة بن عتبة ، فإذا هو كئيب قد تغير لونه ، فقال : يا أبا حذيفة ، لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء ؟ أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا ، والله يا رسول الله ، ما شككت في أبي ولا في مصرعه ، [ ص: 641 ] ولكنني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا ، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام ، فلما رأيت ما أصابه ، وذكرت ما مات عليه من الكفر ، بعد الذي كنت أرجو له ، أحزنني ذلك ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ، وقال له خيرا

التالي السابق


الخدمات العلمية