صفحة جزء
أشعب الطامع

، هو ابن جبير أبو العلاء ، ويقال : أبو إسحاق المدني . ويقال له : ابن أم حميدة . وكان أبوه مولى لابن الزبير ، قتله المختار ، وهو خال الواقدي .

[ ص: 431 ] روى عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتختم في اليمين . وروى عن أبان بن عثمان ، وسالم ، وعكرمة .

وكان ظريفا ماجنا يحبه أهل زمانه لخلاعته وطمعه ، وكان يجيد الغناء .

وقد وفد على الوليد بن يزيد دمشق . فترجمه ابن عساكر بترجمة فيها أشياء مضحكة ، وأسند عنه حديثين .

وروي عنه أنه سئل يوما أن يحدث فقال : حدثني عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خصلتان من عمل بهما دخل الجنة ثم سكت ، فقيل له : وما هما؟ فقال : نسي عكرمة الواحدة ، ونسيت أنا الأخرى .

وكان سالم بن عبد الله بن عمر يستخفه ويستخليه ، ويضحك منه ، ويأخذه معه إلى الغابة ، وكذلك كان غيره من أكابر الناس .

وقال الشافعي : عبث الولدان يوما بأشعب ، فقال : إن هاهنا أناسا يفرقون الجوز . فتسارعوا إلى ذلك ، فلما رآهم مسرعين قال : لعله حق . فتبعهم .

[ ص: 432 ] وقال له بعضهم : ما بلغ من طمعك؟ فقال . ما زفت عروس بالمدينة إلا رجوت أن تزف إلي فكسحت داري ونظفت ثيابي .

واجتاز يوما برجل يصنع طبقا من قش ، فقال : زد فيه طورا أو طورين لعله يهدى لنا فيه يوما هدية .

وروى الحافظ ابن عساكر أن أشعب غنى يوما لسالم بن عبد الله بن عمر قول بعض الشعراء :


مغيرية كالبدر سنة وجهها مطهرة الأثواب والدين وافر     لها حسب زاك وعرض مهذب
وعن كل مكروه من الأمر زاجر     من الخفرات البيض لم تلق ريبة
ولم يستملها عن تقى الله شاعر

فقال له سالم : أحسنت ، زدنا . فغناه :


ألمت بنا والليل داج كأنه     جناح غراب عنه قد نفض القطرا
فقلت أعطار ثوى في رحالنا     وما حملت ليلى سوى ريحها عطرا

فقال له : أحسنت ، ولولا أن يتحدث الناس لأجزلت لك الجائزة ، وإنك من الأمر بمكان .

وفيها توفي جعفر بن برقان ، والحكم بن أبان ، وعبد الرحمن بن [ ص: 433 ] يزيد بن جابر ، وقرة بن خالد ، وأبو عمرو بن العلاء ، أحد أئمة القراء ، واسمه كنيته ، وقيل : اسمه زبان . والصحيح الأول .

وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحصين التميمي المازني البصري ، وقيل غير ذلك في نسبه ، كان علامة زمانه في اللغة والنحو وعلم القرآن ، ومن كبار العلماء العاملين ، يقال : إنه كتب ملء بيت من كلام العرب ، ثم تزهد ، فأحرقه ثم راجع الأمر الأول ، فلم يكن عنده سوى ما كان يحفظه من كلام العرب ، وكان قد لقي خلقا من أعراب الجاهلية ، وكان مقدما أيام الحسن البصري وبعده .

ومن اختياراته الغريبة قوله في تفسير الغرة في الجنين : إنها لا يقبل فيها إلا أبيض غلاما كان أو جارية . وفهم ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام : غرة عبد أو أمة قال : ولو أريد أي عبد كان أو جارية لما قيده بالغرة ، وإنما الغرة البياض . قال القاضي ابن خلكان : وهذا غريب ، ولا أعلم هل يوافق قول أحد من الأئمة المجتهدين أم لا .

[ ص: 434 ] وذكروا أنه كان إذا دخل شهر رمضان لا ينشد فيه بيتا من الشعر حتى ينسلخ ، وأنه كان يشتري له كل يوم كوزا جديدا وريحانا طريا ، وقد صحبه الأصمعي نحوا من عشر سنين .

كانت وفاته في هذه السنة ، وقيل : في سنة ست وخمسين . وقيل : سبع وخمسين ومائة . فالله أعلم . وقبره بالشام . وقيل : بالكوفة . وقد قارب التسعين ، وقيل : إنه جاوزها . فالله أعلم .

وقد روى ابن عساكر في ترجمة صالح بن علي بن عبد الله بن العباس ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عباس ، مرفوعا : لأن يربي أحدكم بعد أربع وخمسين ومائة جرو كلب خير له من أن يربي ولدا لصلبه . وهذا منكر جدا ، وفي إسناده نظر . ذكره من فوائد تمام ، عن خيثمة بن سليمان ، عن محمد بن عوف الحمصي ، عن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن السمط ، عن صالح ، به . وعبد الله بن السمط هذا لا أعرفه ، وقد ذكره شيخنا الحافظ الذهبي في كتابه " الميزان " ، وقال : روى عن صالح بن علي حديثا موضوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية