صفحة جزء
[ ص: 603 ] ثم دخلت سنة ثمانين ومائة

فيها هاجت الفتنة بالشام بين النزارية واليمانية ، فانزعج الرشيد لذلك ، فندب جعفرا البرمكي إلى الشام في جماعة من الأمراء والجنود ، فدخل الشام ، فانقاد الناس له ، ولم يدع جعفر بالشام فرسا ولا سيفا ولا رمحا إلا استلبه من الناس . وأطفأ الله به نار تلك الفتنة . وقد قال بعض الشعراء في ذلك :


لقد أوقدت بالشام نيران فتنة فهذا أوان الشام تخمد نارها     إذا جاش موج البحر من آل برمك
عليها خبت شهبانها وشرارها     رماها أمير المؤمنين بجعفر
وفيه تلاقى صدعها وانجبارها     رماها بميمون النقيبة ماجد
تراضى به قحطانها ونزارها

ثم كر جعفر راجعا إلى بغداد بعدما استخلف على الشام عيسى ابن العكي ، ولما قدم على الرشيد أكرمه وقربه وأدناه ، وشرع جعفر يذكر كثرة وحشته له في الشام ، ويحمد الله الذي من عليه برجوعه إلى أمير المؤمنين ورؤيته وجهه .

وفيها ولى الرشيد جعفرا خراسان وسجستان ، فاستعمل على ذلك محمد [ ص: 604 ] بن الحسن بن قحطبة ، ثم عزل الرشيد جعفرا عن خراسان بعد عشرين ليلة .

وفيها هدم الرشيد سور الموصل ; بسبب كثرة الخوارج هناك ، وجعل الرشيد جعفرا على الحرس ، ونزل الرشيد الرقة واستوطنها ، واستناب على بغداد ابنه الأمين محمدا ، وولاه العراقين ، وعزل هرثمة بن أعين عن إفريقية واستدعاه إلى بغداد فاستنابه جعفر على الحرس .

وفيها كانت بمصر زلزلة شديدة سقط منها رأس منارة الإسكندرية .

وفيها خرج بالجزيرة خراشة الشيباني ، فقتله مسلم بن بكار بن مسلم العقيلي .

وفيها ظهرت طائفة بجرجان يقال لهم : المحمرة . لبسوا الحمرة ، واتبعوا رجلا يقال له : عمرو بن محمد العمركي . وكان ينسب إلى الزندقة ، فبعث الرشيد يأمر بقتله ، فقتل بمرو ، وأطفأ الله نارهم في ذلك الوقت .

وفيها غزا الصائفة معاوية بن زفر بن عاصم .

وحج بالناس موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية