صفحة جزء
ذكر من توفي فيها من الأعيان :

أصبغ بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أبو زبان في رمضان منها .

وحسان بن إبراهيم ، قاضي كرمان عن مائة سنة .

[ ص: 636 ] سلم الخاسر الشاعر ، وهو سلم بن عمرو بن حماد بن عطاء ، وإنما قيل له : الخاسر . لأنه باع مصحفا واشترى به ديوان شعر لامرئ القيس . وقيل للأعشى . وقيل : طنبورا : وقيل : لأنه أنفق مائتي ألف في صناعة الأدب . وقد كان شاعرا مطبقا ، له قدرة على الإنشاء على حرف واحد ، فمن ذلك قوله لموسى الهادي :


موسى المطر غيث بكر     ثم انهمر
كم اعتسر     ثم ايتسر
وكم قدر     ثم غفر
عدل السير     باقي الأثر
خير البشر     فرع مضر
بدر بدر     لمن نظر
هو الوزر     لمن حضر
والمفتخر     لمن غبر
والمجتبر     لمن عثر

وذكر الخطيب البغدادي أنه كان على طريقة غير مرضية من المجون والفسق ، وأنه كان من تلاميذ بشار بن برد ، وأن نظمه أحسن من نظم بشار ، فمما غلب [ ص: 637 ] فيه بشارا قول بشار :


من راقب الناس لم يظفر بحاجته     وفاز بالطيبات الفاتك اللهج

فقال سلم :


من راقب الناس مات غما     وفاز باللذة الجسور

فغضب بشار وقال : أخذ معاني فكساها ألفاظا أخف من ألفاظي .

وقد حصل له من الخلفاء والبرامكة نحو من أربعين ألف دينار ، وقيل أكثر من ذلك . ولما مات ترك ستة وثلاثين ألف دينار فأودعها عند أبي السمراء الغساني ، فغنى إبراهيم الموصلي الرشيد يوما فأطربه ، فقال له : سل . فقال : يا أمير المؤمنين ، أسألك شيئا لا أرزؤك . قال : وما هو؟ فذكر له وديعة سلم الخاسر ، وأنه لم يترك وارثا ، فأمر له بها . ويقال : إنها كانت خمسين ألف دينار .

العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عم الرشيد ، كان من سادات قريش ، ولي إمارة الجزيرة في أيام الرشيد ، وقد أطلق له الرشيد في يوم خمسة آلاف ألف درهم ، وإليه تنسب العباسية ، وبها دفن وعمره خمس وستون سنة ، وصلى عليه الأمين .

يقطين بن موسى ، كان أحد الدعاة إلى دولة بني العباس ، وكان داهية ذا رأي ، وقد احتال مرة حيلة عظيمة وذلك حين حبس مروان الحمار إبراهيم بن [ ص: 638 ] محمد بحران ، فتحيرت الشيعة العباسية فيمن يكون ولي الأمر من بعده ، فذهب يقطين هذا إلى مروان ، فوقف بين يديه في صورة تاجر فقال : يا أمير المؤمنين ، إني قد بعت بضاعة من رجل ولم أقبض ثمنها منه حتى أخذته رسلك فحبسوه ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجمع بيني وبينه لأطالبه بمالي؟ قال : نعم . فأرسل به إليه مع غلام ، فلما رآه قال : يا عدو الله ، إلى من تركت بعدك آخذ مالي منه؟ فقال : إلى ابن الحارثية . يعني أخاه عبد الله السفاح ، فرجع يقطين إلى الدعاة إلى بني العباس ، فأعلمهم بما قال ، فبايعوا السفاح ، وكان ما قد كان .

التالي السابق


الخدمات العلمية