صفحة جزء
[ ص: 664 ] ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائة

فيها غزا إبراهيم بن جبريل الصائفة ، فدخل بلاد الروم من درب الصفصاف ، فخرج النقفور للقائة ، فجرح النقفور ثلاث جراحات ، وانهزم وقتل من أصحابه أكثر من أربعين ألفا ، وغنموا أكثر من أربعة آلاف دابة .

وفيها رابط القاسم ابن الرشيد بمرج دابق . وفيها حج بالناس الرشيد ، وكانت آخر حجاته .

وقال أبو بكر بن عياش حين رأى الرشيد منصرفا من الحج ، وقد اجتاز بالكوفة : لا يحج الرشيد بعدها ، ولا يحج بعده خليفة أبدا .

وقد لقيه بهلول الموله العاقل فوعظه موعظة حسنة ، فروينا من طريق الفضل بن الربيع الحاجب قال : حججت مع الرشيد فمررنا بالكوفة ، فإذا بهلول المجنون يهذي ، فقلت : اسكت ، فقد أقبل أمير المؤمنين . فسكت ، فلما حاذاه الهودج قال : يا أمير المؤمنين ، حدثني أيمن بن نابل ، ثنا قدامة بن [ ص: 665 ] عبد الله العامري قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى على جمل وتحته رحل رث ، ولم يكن ثم طرد ولا ضرب ولا إليك إليك . فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنه بهلول المجنون . فقال : قد عرفته ، قل يا بهلول . فقال :


فهب أن قد ملكت الأرض طرا ودان لك العباد فكان ماذا     أليس غدا مصيرك جوف قبر
ويحثو عليك الترب هذا ثم هذا

قال : أجدت يا بهلول ، أفغيره؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، من رزقه الله جمالا ومالا ; فعف في جماله ، وواسى في ماله ، كتب في ديوان الأبرار . قال : فظن أنه يريد شيئا ، فقال : إنا قد أمرنا بقضاء دينك . قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، لا تقض دينا بدين ، اردد الحق إلى أهله ، واقض دين نفسك من نفسك . قال : إنا أمرنا أن يجري عليك رزق . قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنه لا يعطيك وينساني ، ولا حاجة لي في جرايتك .

التالي السابق


الخدمات العلمية