صفحة جزء
[ ص: 189 ] وفيها توفي من الأعيان :

عبد الله بن داود الخريبي .

وعبد الله بن يزيد المقرئ البصري .

وعبيد الله بن موسى العبسي .

وعمرو بن أبي سلمة الدمشقي .

وحكى ابن خلكان في " " الوفيات " " عن بعضهم أن في هذه السنة توفي إبراهيم بن ماهان الموصلي النديم ، وأبو العتاهية ، وأبو عمرو الشيباني النحوي في يوم واحد ببغداد ، ولكنه صحح أن إبراهيم النديم توفي سنة ثمان وثمانين ومائة .

قال السهيلي : في هذه السنة توفي عبد الملك بن هشام راوي السيرة عن ابن إسحاق حكاه ابن خلكان عنه . والصحيح أنه توفي في سنة ثماني [ ص: 190 ] عشرة ومائتين ، كما نص عليه أبو سعيد بن يونس في " " تاريخ مصر " " .

العكوك الشاعر

أبو الحسن بن علي بن جبلة بن المسلم بن عبد الرحمن الخراساني ،
ويلقب بالعكوك لقصره وسمنه ، وكان من الموالي ، وولد أعمى ، وقيل : بل أصابه جدري وهو ابن سبع سنين فعمي ، وكان أسود أبرص ، وكان شاعرا مطبقا فصيحا بليغا ، وقد أثنى عليه في شعره الجاحظ فمن بعده ، قال الجاحظ : ما رأيت بدويا ولا حضريا أحسن إنشادا منه . فمن ذلك قوله :


بأبي من زارني مكتتما خائفا من كل شيء جزعا     زائرا نم عليه حسنه
كيف يخفي الليل بدرا طلعا     رصد الغفلة حتى أمكنت
ورعى السامر حتى هجعا     ركب الأهوال في زورته
ثم ما سلم حتى ودعا

وهو القائل في أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي يمتدحه :


إنما الدنيا أبو دلف بين مغزاه ومحتضره     فإذا ولى أبو دلف ولت الدنيا على أثره
كل من في الأرض من عرب بين باديه إلى حضره     مستعير منك مكرمة يكتسيها يوم مفتخره

ولما بلغ المأمون هذه الأبيات وهي في قصيدة طويلة عارض فيها أبا نواس الحسن بن هانئ تطلبه المأمون فهرب منه كل مهرب ، ثم أحضر بين يديه فقال له : ويحك ! فضلت القاسم بن عيسى علينا ؟ فقال : يا أمير [ ص: 192 ] المؤمنين ، أنتم أهل بيت اصطفاكم الله من بين عباده ، وآتاكم ملكا عظيما ، وإنما فضلته على أشكاله وأقرانه . فقال : والله ما أبقيت أحدا ، ولقد أدخلتنا في الكل حيث تقول :


كل من في الأرض من عرب

البيتين . ومع هذا فلا أستحل قتلك بهذا ، ولكن بكفرك وبشركك ، حيث تقول في عبد ذليل :


أنت الذي تنزل الأيام منزلها     وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد     إلا قضيت بأرزاق وآجال

ذاك الله يفعله ، أخرجوا لسانه من قفاه . فأخرجوا لسانه من قفاه فمات في هذه السنة ، سامحه الله .

وقد امتدح حميد بن عبد الحميد الطوسي :


إنما الدنيا حميد     وأياديه الجسام
فإذا ولى حميد     فعلى الدنيا السلام

وقوله :

تكفل ساكني الدنيا حميد     فقد أضحوا له فيها عيالا

كأن أباه آدم كان أوصى إليه أن يعولهم فعالا [ ص: 193 ] ولما مات حميد هذا في سنة عشر مع المأمون بفم الصلح ، قال العكوك يرثيه قصيدة ، منها قوله :


فأدبنا ما أدب الناس قبلنا     ولكنه لم يبق للصبر موضع

وقال أبو العتاهية يرثي حميدا هذا :

أبا غانم أما ذراك فواسع     وقبرك معمور الجوانب محكم
وما ينفع المقبور عمران قبره     إذا كان فيه جسمه يتهدم

وقد أورد ابن خلكان لعكوك هذا أشعارا جيدة تركناها اختصارا

[ ص: 194 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية