صفحة جزء
ذكر ما رئي من المنامات الصالحة التي رآها الإمام أحمد ورئيت له .

وقد صح في الحديث لم يبق من النبوة إلا المبشرات - وفي رواية : إلا [ ص: 427 ] الرؤيا الصالحة - يراها المؤمن أو ترى له .

وروى البيهقي ، عن الحاكم سمعت علي بن حمشاذ ، سمعت جعفر بن محمد بن الحسين ، سمعت سلمة بن شبيب يقول : كنا عند أحمد بن حنبل ، وجاءه شيخ ومعه عكازة فسلم عليه وجلس ، فقال : من منكم أحمد بن حنبل ؟ فقال أحمد : أنا ، ما حاجتك ؟ فقال : ضربت إليك من أربعمائة فرسخ ، أريت الخضر في المنام فقال لي : سر إلى أحمد بن حنبل وسل عنه ، وقل له : إن ساكن العرش والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله ، عز وجل . وعن أبي عبد الله محمد بن خزيمة الإسكندراني . قال : لما مات أحمد بن حنبل اغتممت غما شديدا ، فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته فقلت له : يا أبا عبد الله أي مشية هذه ؟ فقال : مشية الخدام في دار السلام . فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب ، وقال لي : يا أحمد ، هذا بقولك : القرآن كلامي . ثم قال لي : يا أحمد ، ادعني بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان الثوري وكنت تدعو بهن في دار الدنيا . قال : قلت : يا رب كل [ ص: 428 ] شيء ، بقدرتك على كل شيء ، اغفر لي كل شيء ، حتى لا تسألني عن شيء . فقال لي : يا أحمد ، هذه الجنة قم فادخلها . فدخلت فإذا أنا بسفيان الثوري وله جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة ، وهو يقول الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين [ الزمر : 74 ] قال : فقلت له : ما فعل بشر الحافي ؟ فقال : بخ بخ ، ومن مثل بشر ؟ تركته بين يدي الجليل وبين يديه مائدة من الطعام والجليل مقبل عليه وهو يقول : كل يا من لم يأكل ، واشرب يا من لم يشرب ، وانعم يا من لم ينعم . أو كما قال . وقال أبو محمد ابن أبي حاتم ، عن محمد بن مسلم بن وارة قال : لما مات أبو زرعة رأيته في المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فقال : قال لي الجبار : ألحقوه بأبي عبد الله ، وأبي عبد الله ، وأبي عبد الله ; مالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل . وقال عثمان بن خرزاد الأنطاكي : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وقد برز الرب لفصل القضاء ، وكأن مناديا ينادي من تحت بطنان العرش : أدخلوا أبا عبد الله ، وأبا عبد الله ، وأبا عبد الله وأبا عبد الله الجنة . قال : فقلت لملك إلى جانبي : من هؤلاء ؟ فقال : مالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل . وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن [ ص: 429 ] يحيى بن أيوب المقدسي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ، وهو نائم وعليه ثوب مغطى ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين يذبان عنه . وتقدم في ترجمة أحمد بن أبي دؤاد عن يحيى الجلاء أنه رأى كأن أحمد بن حنبل في حلقة بالمسجد الجامع ، وأحمد بن أبي دؤاد في حلقة أخرى ، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بين الحلقتين ، وهو يتلو هذه الآية أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء ويشير إلى حلقة ابن أبي دؤاد وأصحابه فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [ الأنعام : 89 ] ويشير إلى أحمد بن حنبل ، وأصحابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية