صفحة جزء
[ ص: 433 ] ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين ومائتين

في ذي القعدة منها توجه المتوكل على الله من العراق قاصدا مدينة دمشق ; ليجعلها له دار إقامة ومحلة إمامته فأدركه عيد الأضحى بها وهو بمدينة بلد فضحى بها ، وتأسف أهل العراق على ذلك ، فقال في ذلك يزيد بن محمد المهلبي :


أظن الشام تشمت بالعراق إذا عزم الإمام على انطلاق     فإن تدع العراق وساكنيها
فقد تبلى المليحة بالطلاق

وحج بالناس فيها عبد الصمد المذكور في التي قبلها ، وهو نائب مكة .

قال ابن جرير : وفيها توفي إبراهيم بن العباس ، فولي ديوان الضياع الحسن بن مخلد بن الجراح خليفة إبراهيم في شعبان . قلت : إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول الصولي ، الشاعر الكاتب المشهور ، وهو عم محمد بن [ ص: 434 ] يحيى الصولي ، وكان جده صول ملك جرجان وكان أصله منها ثم تمجس ثم أسلم على يدي يزيد بن المهلب بن أبي صفرة . ولإبراهيم هذا ديوان شعر ذكره ابن خلكان واستجاد من شعره أشياء ; منها قوله :


ولرب نازلة يضيق بها الفتى     ذرعا وعند الله منها مخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها     فرجت وكان يظنها لا تفرج

ومنها قوله :


كنت السواد لمقلتي     فبكى عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت     فعليك كنت أحاذر

ومن ذلك ما كتب به إلى وزير المعتصم محمد بن عبد الملك بن الزيات :


وكنت أخي بإخاء الزمان     فلما نبا صرت حربا عوانا
وكنت أذم إليك الزمان     فأصبحت منك أذم الزمانا [ ص: 435 ]
وكنت أعدك للنائبات     فها أنا أطلب منك الأمانا

وله :


لا يمنعنك خفض العيش في دعة     نزوع نفس إلى أهل وأوطان
تلقى بكل بلاد إن حللت بها     أهلا بأهل وجيرانا بجيران

وكانت وفاته بمنتصف شعبان من هذه السنة بسر من رأى ، رحمه الله .

قال : ومات هاشم بن بنجور في ذي الحجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية