صفحة جزء
[ ص: 579 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائتين

في المحرم منها استأمن جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجان - وكان من أكابر أمراء صاحب الزنج وثقاتهم في أنفسهم - الموفق فأمنه وفرح به وخلع عليه ، وأمره فركب في سمرته فوقف تجاه قصر الملك ، فنادى في الناس وأعلمهم بكذب صاحب الزنج وفجوره ، وأنه في غرور هو ومن اتبعه ، فاستأمن بسبب ذلك بشر كثير منهم ، وبرد قتال الزنج عند ذلك إلى ربيع الآخر . فعند ذلك أمر الموفق أصحابه بمحاصرة السور ، وأمرهم إذا نقبوا السور أن لا يدخلوا البلد حتى يأمرهم ، فنقبوا السور حتى انثلم ثم عجلوا الدخول فدخلوا ، فقاتلهم الزنج فهزمهم المسلمون وتقدموا إلى وسط المدينة فجاءتهم الزنج من كل جانب وخرجت عليهم الكمائن من أماكن لا يهتدون إليها ، فقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا واستلبوهم ، وفر الباقون ، فلامهم أبو أحمد على مخالفته من العجلة ، وأجرى الأرزاق على ذرية من قتل منهم ، فحسن ذلك عند الناس جدا ، وظفر أبو العباس ابن الموفق بجماعة من الأعراب وغيرهم ، كانوا يجلبون الطعام إلى الزنج فقتلهم ، وظفر ببهبوذ بن عبد الوهاب فقتله ، وكان ذلك من أكبر الفتح عند المسلمين ، وأعظم الرزايا عند الزنج ، ولله الحمد .

وبعث عمرو بن الليث إلى أبي أحمد الموفق ثلاثمائة ألف دينار وخمسين منا من مسك ، وخمسين منا من عنبر ، ومائتي من من عود ، وفضة بقيمة مائة [ ص: 580 ] ألف ، وثيابا من وشي وغلمانا كثيرة جدا .

وفيها خرج ملك الروم المعروف بابن الصقلبية فحاصر أهل ملطية فأعانهم أهل مرعش ففر الخبيث خاسئا .

وغزا الصائفة من ناحية الثغور عامل ابن طولون فقتل من الروم سبعة عشر ألفا . وحج بالناس فيها هارون بن محمد الهاشمي المتقدم .

وفيها قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية